مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

التوحيد

 

   اهتم العلماء المسلمون بموضوع وحدانية الله اهتماما عظيما ، فأولوه عناية فائقة ، فنشأ عن هذا الاهتمام علم التوحيد ، وليس الهدف من هذا البحث الاسترسال في

 تفاصيله ؛ لأنه علم واسع ودقيق ومتشعب ، وإنما الهدف الذي أرنو إليه هو بيان الثواب العظيم الذي يفوز به العبد الموحّد عند الله سبحانه وتعالى ، ولا خلاف بين العلماء على ذلك .فما المقصود بالتوحيد ؟ وما أهم فضائله؟

   التوحيد ، فيما أرى ،  هو الاعتقاد الذي لا يساوره شك بأن الله سبحانه وتعالى واحد احد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤ احد ، وأنه هو الذي خلق الكون بكل ما فيه ، وهو وحده المتصرف فيه ، ولا يشاركه في ملكوته أحد ، وأنه وحده المستحق للعبادة ؛ فإن قال قائل " أشهد ان لا إله إلا الله " فإنه يكون بذلك قد نفى الألوهية عن غير الله وأثبتها لله وحده ، ودخل  بذلك في زمرة المسلمين .

   وهذا الاعتقاد الراسخ هو الخطوة الأولى التي لا بد منها لبدء المسير على طرق النجاة المؤدية إلى الجنة ، وهو الغاية الأولى التي خلق الله العباد من أجلها ، وهو جوهر رسالة الله إلى الناس ، وهذه الحقيقة بارزة وجلية في قول الله  سبحانه وتعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(1)  وقال جل شأنه: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) (2). وجاء في الحديث الشريف أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال  لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : (يا معاذ ، أتدري ما حق الله على العباد . قال : الله ورسوله أعلم ، قال : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، أتدري ما حقهم عليه . قال : الله ورسوله أعلم ، قال : أن لا يعذبهم )(3)

  وعندما أرسله إلى اليمن قال له  صلى الله عليه وسلم  : ( إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أطاعوا لك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم .) (4)

     وحقيقة التوحيد مجملة في قول ابن القيم رحمه الله: (إن كل آية في القرآن فهي متضمنة للتوحيد شاهدة به داعية إليه، فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع كل ما يعبد من دونه فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته في نهيه وأمره فهي حقوق التوحيد

ـــــــــــــــــــــــ

(1)       سورة الذاريات آية 56

(2)       سورة الأنبياء آية 25

(3)       حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه برقم 7373     

      (4) حديث صحيح ذكره  ابن تيمية في جامع الرسائل  1/15

              

              

ومكملاته ، وإما خبر عن إكرام الله لأهل توحيده وطاعته وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب ، فهو خبر عمن خرج عن حكم التوحيد، فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه ، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم).(1)
    ونظرا لأهمية التوحيد في العقيدة الإسلامية ، فقد أمرنا الله  سبحانه وتعالى بالجهاد لتظل كلمة الله هي العليا ،ولتنقية القلوب من كل مظاهر الشرك في المجتمع ، فقال جل شأنه : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله) (2).  وفي نفس المعنى قال صلى الله عليه وسلم:
(أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)3

     وللتوحيد فضائل عظيمة تدل على علوّ مكانته في دين الله  ، وهذه الفضائل كثيرة ، من أبرزها :
1 -  أن التوحيد هو الغاية من خلق الخلق كما قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (4)  فأخبر سبحانه وتعالى أنه خلق الخلق لحكمة واضحة ومحددة وهي إفراده بالعبادة ، فإن هم فعلوا ذلك فقد فازوا برضوان الله .

    وقد أرسل الله سبحانه وتعالى الرسل ، وأنزل الكتب لدعوة الناس لتوحيده  ؛ قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (5)

    والتوحيد هو المدخل الرئيس للدين الحنيف ، والبوابة الواسعة التي يدخل عبرها الموحدون إل الجنة ؛ وهو أول ما ينبغي على العبد أن يعرفه ، ومن هنا فقد جاء قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل عندما أرسله إلى اليمن: (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله).(6)  

ـــــــــــــــــ

(1)     "مدارج السالكين" (3/468-469)

(2)     سورة البقرة آية  193    

(3)     ذكره المديني في العلل برقم 183

(4)     سورة الذاريات أية 56 

(5)     سورة النحل آية 36

(6)     سبق تخريجه

 2 - وكلمة التوحيد شرط لا بد منه  لقبول الأعمال الصالحة ، فلا يقبل الله من العباد أعمالهم إلا بعد أن يشهدوا أن لاإله إلا الله .، وأما المشركون به شيئا سواه فإنه لا يقبل منهم أعمالهم . ؛ قال تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً)(1)  وقال جل ذكره : (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) (2) وفي سورة أخرى قال سبحانه وتعالى : (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون).(3)  

3 -  والتوحيد سبب لدخول الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) (4)   وعن أبي ذر الغفاري قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض ، وهو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ ، فقال : ( ما من عبد قال : لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق ) . قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : ( وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر ) . وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال : وإن رغم أنف أبي ذر.(5)  وفي مناسبة أخرى قال صلى الله عليه وسلم : (:( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) (6)

   4- تكفير الذنوب ؛ والتوحيد سبب لمغفرة الذنوب ، وهذا قول أهل السنة لأنهم يرون أن للتوحيد فضلاً على الموحدين  فقد يغفر للعاصي لتوبة صادقة، أو حسنات ماحية، أو شفاعة مقبولة، أو غيرها من أسباب مغفرة الذنوب ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  ( من قام إذا استقلت الشمس فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه . قال عقبة بن عامر : فقلت : الحمد لله الذي رزقني أن أسمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان تجاهي جالسا : أتعجب من هذا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب من هذا قبل أن تأتي ؟ فقلت : وما ذاك بأبي أنت وأمي ؟ فقال عمر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 ـــــــــ

(1)" سورة الفرقان آية 23

(2)     سورة الزمر آية 65  

(3)     سورة الأنعام أية 88

(4)     أبو داود في سننه برقم 3116وآخرون

(5)     حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه برقم 5827

      ( 6)  حديث صحيح أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم  10888

 ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع بصره أو نظره إلى السماء فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء )(1)

والله يغفر كل شئ إلا الشرك ، ومن وقع فيه فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار قال تعالى: " إ ِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ "  (2)

4 -  صيانة دم الموحد وماله ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه ، وحسابه على الله  )(3

  

   وعن عبدالله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يحل دم امرئ مسلم ، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك للجماعة " (3)

 

      وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة ، قال : فصبحنا القوم فهزمناهم ، قال : ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، قال : فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، قال : فكف عنه الأنصاري ، فطعنته برمحي حتى قتلته ، قال : فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فقال لي : ( يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ) . قال : قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذا ، قال : ( أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ) . قال : فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم . (4) وهذا الحديث الصحيح يؤكد على على حرمة من قال " لا إله إلا الله " بلسانه ، حتى ولو كان يُظن أنه قال ذلك لغرض في نفسه . 

      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه ، وكفر من كفر من العرب ، فقال عمر رضي الله عنه : كيف تقاتل الناس ؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

ـــــــــــــــــــــ

(1)"  حديث حسن ذكره علي بن المديني في مسند الفاروق 1/110

(2) سورة النساءآية 48)

(3)  حديث صحيح أخرجه  البخاري في صحيحه برقم  6878

(4)حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه  برقم6872

أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله . فقال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر رضي الله عنه : فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه ، فعرفت أنه الحق .(1)

5 –  مضاعفة الحسنات ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه ." (2)      وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة و تسعين سجلا ، كل سجل مثل مد البصر ثم يقول ، أتنكر من هذا شيئا ، أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يارب ، فيقول أفلك عذر ؟ فيقول : لا يا رب فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله . فيقول أحضر وزنك ، فيقول : ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فقال : إنك لا تظلم ، قال : فتوضع السجلات في كفة ، و البطاقة في كفة ، فطاشت السجلات و ثقلت البطاقة ، فلا يثقل مع اسم الله شيء .

6 – الفوز بشفاعة النبي ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ قلت : يا رسول الله ، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال : ( لقد ظننت ، يا أبا هريرة ، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك ، لما رأيت من حرصك على الحديث ، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله ، خالصا من قبل نفسه ) . (4)

  وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" يجمع الله المؤمنين

يوم القيامة كذلك ، فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا ، فيأتون آدم فيقولون : يا آدم ، أما ترى الناس ، خلقك الله بيده ، وأسجد لك ملائكته ، وعلمك أسماء كل

ــــــــــــــــــــــ

(1)"  حديث صحيح رواه  البخاري في صحيحه برقم  1399

(2) حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6403

(3)  حديث صحيح على شرط مسلم ، ذكره  الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 135

(4)حديث صحيح أخرجه البخاري  في صحيحه برقم  6570

 

 

شيء ، اشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا ، فيقول : لست هناك ، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ، ولكن ائتوا نوحا ، فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ، فيأتون نوحا ، فيقول : لست هناكم ، ويذكر خطيئته التي أصاب ، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن ، فيأتون إبراهيم فيقول : لست هناكم ، ويذكر لهم خطاياه التي أصابها ، ولكن ائتوا موسى ، عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما ، فيأتون موسى فيقول : لست هناكم ، ويذكر لهم خطيئته التي أصاب ، ولكن ائتوا عيسى ، عبد الله ورسوله ، وكلمته وروحه ، فيأتون عيسى فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتونني فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي عليه ، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال لي : ارفع محمد ، وقل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأحمد ربي بمحامد علمنيها ، ثم أشفع ، فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أرجع فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال : ارفع محمد ، وقل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأحمد ربي بمحامد علمنيها ربي ، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أرجع ، فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال : ارفع محمد ، قل يسمع ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأحمد ربي بمحامد علمنيها ، ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ، ثم أرجع فأقول : يا رب ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ، ووجب عليه الخلود . قال النبي صلى الله عليه وسلم : يخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرة )(1) -

 

   7 - حرز من الشيطان ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قال : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به ، إلا أحد عمل أكثر من ذلك .(2)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)  حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه برقم 7410

(2) حديث صحيح سبق تخريجه    

 

8 – تفريج الكرب ؛ عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ، ورب العرش الكريم ) .(1)  

    قال ابن القيم (التوحيد مفزع أعدائه وأوليائه، فأما أعداؤه فينجيهم من كرب الدنيا وشدائدها (فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون).  وأما أولياؤه فينجيهم به من كربات الدنيا والآخرة وشدائدها ، ولذلك فزع إليه يونس فنجاه الله من تلك الظلمات ، وفزع إليه اتباع الرسل فنجوا به مما عذب به المشركون في الدنيا وما أعد لهم فى الآخرة، ولما فزع إليه فرعون عند معاينة الهلاك وإدراك الغرق له لم ينفعه ؛ لأن الإيمان عند المعاينة لا يقبل هذه سنة الله في عباده. فما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد ولذلك كان دعاء الكرب بالتوحيد ودعوة ذي النون التي ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه بالتوحيد فلا يلقى في الكرب العظام إلا الشرك ولا ينجي منها إلا التوحيد، فهو مفزع الخليقة وملجؤها وحصنها وغياثها )(2

10- جلب الرزق ؛ قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، وإنما يحصل لهم من الرزق بقدر توحيدهم وإيمانهم بالله وتقواهم له.

11- التثبيت عند السؤال في القبر؛ عن البراء بن عازب إن رسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أقعد المؤمن في قبره أتي ، ثم شهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } .(3)

-           12 - سبب النجاة من الخلود في النار، فقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله

عليه وسلم أن الموحدين يخرجون من النار . عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وفي قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وفي قلبه وزن برة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله ، وفي قلبه وزن ذرة من خير . (4)

    وعن محمود بن ربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ممن شهد بدرا من الأنصار : أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا

 ـــــــــــــــــــــــ

(1) - حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6346

(2) ) ابن القيم : "الفوائد" (ص79)

(3) حديث صحيح أخرجه البخاري فيصحيحه   برقم  1369  

(4) حديث صحبح أخرجه البخاري في صحيحه برقم  44

رسول الله ، إني أنكرت بصري ، وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم ، لم أستطع أن آتي مسجدهم لأصلي لهم ، فوددت يا رسول الله ، أنك تأتي فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى ، فقال : ( سأفعل إن شاء الله ) . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار ، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال لي : ( أين تحب أن أصلي من بيتك ) . فأشرت إلى ناحية من البيت ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فكبر فصففنا ، فصلى ركعتين ثم سلم ، وحبسناه على خزير صنعناه ، فثاب في البيت رجال من أهل الدار ذوو عدد فاجتمعوا ، فقال قائل منهم : أين مالك بن الدخشن ؟ فقال بعضهم : ذلك منافق ، لا يحب الله ورسوله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تقل ، ألا تراه قال : لا إله إلا الله ، يريد بذلك وجه الله ) . قال : الله ورسوله أعلم ، قال : قلنا : فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين ، فقال : ( فإن الله حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله ) .(1)

     وعن المسيب بن حزن قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة ، جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( قل لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ) .(2)  

    وتامل معي أيها الأخ الكريم هذا الحديث الشريف وتفكر به جيدا فالزمه ؛ عن ابن سعود رضي الله عنه قال : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال : ( هذا سبيل الله مستقيما ، وخط خطوطا عن يمينه وعن شماله ، ثم قال : هذه السبل ، ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه ، ثم قرأ قوله تعالى : " وإن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ."(3)

  وبهذه الأحاديث الشريفة وغيرها كثير تتضح للموحدين القيمة العظمى والفضائل التي لا تحصى لكلمة لا إلا إله إلا الله ، ولذلك فإنهم يتشبثون بها ، ولا يتخلون عنها ، ويبذلون في سبيلها أرواحهم ؛ لأنهم يعتقدون اعتقادا راسخا لا يتطرق إليه شك أنها بطاقة خضراء تؤهلهم للنجاة وللفوز بما عند الله .

 ومن متطلبات التوحيد ومقتضياته نبذ الشرك ومظاهره الموجودة في كثير بلاد المسلمين ؛ لأنها ناجمة عن تفكير خرافي مضل ، وسأتعرض في هذا الجزء من البحث لمعظم مظاهر الشرك لتحذير الناس منها فلا يحبطون أعمالهم بسببها ، وقبل ذلك فلنتفكر معا في هذه

 

ــــــــــــــــــــــــ

(1)     حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه برقم 5401 

(2)     حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6681

(3)     حديث صحيح رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم .

  الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تقرع الأسماع بعنف ؛

 قال الله  سبحانه وتعالى :" إن الشرك لظلم عظيم "(1)

وقال جل شأنه : " ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا .."(2)

وقال  عزّ من قائل : " ومن يشرك بالله فكأنما خرّ من السماء  فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق " (3)

وقال سبحانه وتعالى محذرا عباده من الشرك وشروره :" إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ."(4)

وقال  المنتقم الجبار: " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة "(5)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله .قال : ( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ) (6)

  ومن مظاهر الشرك التي يجب أن نكون على حذر منها :

1- الرياء والسمعة ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن يسيرا من الرياء شرك )(7)



 

ـــــــــــــــــ

1 ـ سورة لقمان الآية 3

2 - سورة النساء آية 1163

3-   سورة الحج الآية 3 4

4 - سورة النساء آية 48 

 5-" سورة  المائدة آية 72

6– حديث صحيح رواه البخاري برقم 6273ومسلم برقم 88والترمذي برقم 2301 وغيرهم

7 - ابن جرير الطبري في مسند عمر ، 2/795

 2 - الحلف بغير الله ،  مثل الحلف بـ "النبي" أو الوالدين غير ذلك، سمع ابن عمر رجلا يحلف بقوله : لا والكعبة .. فقال له ابن عمر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من حلف بغير الله فقد أشرك )(1)

3 - استعانة الشخص ببعض الأشياء لتدفع عنه السوء أو لترفع عنه البلاء  مثل : الرقية البدعية ، و الطلاسم ، والتمائم  ، ؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك .) (2) -  

  4 -  وضع قطعة على شكل كف أو عين زرقاء معتقدا أن في وضعها دفعا للحسد:  لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .( من تعلق شيئا وكل إليه .) (3)

  ومن الشرك أيضا :

     - الاستعانة بالجن لمعرفة المرض أو فك السحر وما شابه ذلك ،

- التبرك بالأشخاص أو بالأشجار والأحجار وغيرذلك .

- الذبح لغير الله كالأولياء الصالحين والشياطين والجن لجلب نفعهم أو لدفع ضرهم .

- النذر لغير الله ؛ لأن النذر عبادة ينبغي أن تكون خالصة لله .

- الاستعانة والاستعاذة بغير الله .

- تنزيه الأولياء والسلاطين ورفعهم عن منزلتهم بالمبالغة في تعظيمهم .

- الطواف بالقبور، أو البناء عليها  قببا أو مساجد .

       - التنجيم والاستسقاء بالنجوم .

- الجزع وعدم الصبر على المصيبة .

      - التسمية بـ "عبد النبي" أو "عبد الحسين"  وما شابه ذلك ؛لأن العبودية لا تكون إلا لله وحده .

ـــــــــــــــــــــــــ

       (1) أخرجه أبو داود في سننه  برقم 3251

(2) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب ،  4/240

        (3) -أخرجه  الترمذي في سننه  برقم: 2072

- موالاة الكفار بتعظيمهم ومودتهم.

      وبعد فهذا هو منهج أهل السنة والجماعة في السلوك والأخلاق والتعامل والعبادات، وكل نواحي حياتهم ، فلنفهمه ولنحذر ، ولنتفكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين : ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، وهي الجماعة   ..)(1)


ــــــــــــــــ

1- أخرجه  أبو داود في سننه برقم 4597


Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz