مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    


فضل الاستقامة

محمود طافش الشقيرات

   إن من يتأمل الآيات البينات في كتاب الله الكريم بعمق ، ويتفكر فيها بصمت ، فإنه سينبهر بما يلمس فيها من علم غزير ينير البصيرة ، وحكمة سديدة تضيء العقل وتثلج الصدر ، وتشيع في ثنايا النفس حبورا وشعورا غامرا بالأمن والطمأنينة ؛ فيرى الآية الكريمة وكأنها تشده إليها شدا وتقول له : يا باغي الخير أقبل ، فإن هنا الخير كله ... هنا طريق آمن يقود إلى خير عميم ،  وإلى نعيم سرمدي مقيم ، وفلاح لا حدود له .

    ومن الآيات البينات التي لا يستطيع الإنسان اللبيب أن يتجاوزها دون أن يمعن النظر فيها ؛ ليمتع نفسه بما تفيض به من خير فيّاض  ، وبما يلمس فيها من وعد صادق بالرعاية والحماية من ملك الملوك القادر على كل شيء . ومن الأمثلة على ذلك ما نلمسه في قول الله  سبحانه وتعالى :" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ، نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة ، ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ، ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ." فما أعظم هذه الكلمات ! وما أعظم ما توحي به لأولي الألباب  !

  ويستشف من هذه الأيات الحافلات بالخير أن الإنسان المؤمن يستطيع أن يفوز بهذا الفضل العظيم إذا قام بشيئين :

الشيء الأول : أن يعترف بلسانه موقنا بقلبه أن ربه هو الله ؛ الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، حتي يموت على ذلك ؛ وفي صحيح  البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال : " ما من عبد قال لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك  إلا دخل الجنة ."

الشيء الثاني :الاستقامة ؛ وهذه الكلمة ذات دلالة واسعة ، ومعاني غزيرة ؛ فقد ألّف فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابا في مجلدين ، لكنها بوجه عام تعني :" لزوم الطريق المستقيم الذي لا إعوجاج فيه ولا ميل ، ولا إفراط ولا تفريط ، وتتحقق من خلال الالتزام بالأوامر والنواهي الربانية التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، والثبات عليها ، والصبر على تكاليفها دون غلو أو زيادة ."

   ونظرا لعظم هذه المسألة فقد كان الحسن رضي الله عنه يكثر من الدعاء بقوله : " اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة ." وروي عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : " الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ، ولا تروغ روغان الثعلب" . وكذلك قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: " الاستقامة هي الإخلاص في العمل ."وذكرعلي بن أبي طالب – كرّم الله وجهه –أنها  " أداء الفرائض " . وعن أنس رضي الله عنه أنه قال : قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ثم قال :" قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم ، فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها ."

   غير أن كثيرا من المسلمين يرون أن هذا الأمر  لا يقوى عليه معظم  الناس ، لكن الحقيقة الناصعة التي لا مراء فيها هي أن من أسلم نفسه لله فإنه سيجد متعة كبيرة في الانقياد له ، لأنه – سبحانه وتعالى - سيعينه على كل ما يواجهه من صعاب ، وسيلمس في عبوديته له سعادة ما بعدها سعادة .

  ومن الخيرات التي يفوز بها المؤمنون الملتزمون بما جاء في هذه الآيات :

1 – تتنزل عليهم الملائكة مرات عديدة ؛ ليقولوا لهم : يا أحباب الله ، لا تخافوا مما سترون عند سكرات الموت ، ولا من وحشة القبر وظلمته ، ولا من أهوال يوم القيامة التي يشيب من هولها الولدان ، ولا تحزنوا على ما تركتم خلفكم من مال وأزواج وأولاد وغير ذلك من متاع الدنيا الفانية ؛ لأن الله سيعوضكم عنها بأفضل منها .

2 -  تبشرهم برضى الله عليهم ، وهذا الرضى يترتب عليه  الحياة الآمنة المستقرة  والسعادة التامة التي لا يشوبها حزن .

3 – رعاية الله وحفظه لهم في الحياة الدنيا ؛ حيث يسدد خطاهم ، فيوفقهم إلى كل خير ، ويحفظهم من كل ما يسوؤهم .  وفي الحياة الآخرة ؛ حيث يؤنس وحشتهم في القبور ، ويرعاهم عند النفخ في الصور ، ويدخلهم الجنة التي يجدون فيها من الضيافة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.

4 – ولاية الله لهم ؛ حيث تحفظهم الملائكة في الدنيا من الوقوع في المعاصي ،ومن كل ما يسوؤهم  وفي القبر تؤنس وحدتهم ، وعند البعث تستقبلهم بحفاوة ، وتسوقهم إلى جنة عرضها كعرض السموات والأرض ، وتقدم لهم كل ما تشتهيه أنفسهم .

   فالحمد لله على ما أنعم به علينا وتفضل ؛ فإن هذا فوز عظيم ما بعده فوز ، وفضل كبير من الله الكريم الذي يهب بلا حدود .

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz