مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

  التوبة .. باب نجاة للخطّائين

العبد الفقير لرحمة ربه : محمود طافش الشقيرات

مقدمة .

   يعتقد كثير من العلماء أن الوقوع في الخطأ والنسيان من طبائع الإنسان ؛ مستندين فيما ذهبوا إليه على حديث الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه ، وقال فيه: ( والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم )(1)  وقوله عليه الصلاة والسلام : ( كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين : التوابون)(2)والخطأ ليس مقتصرا على عامة الناس بل إن بعض الأنبياء والمرسلين قد عصوا الله  فاستغفروه وأنابوا إليه ،  وأول من وقع في الخطأ سيدنا آدم عليه السلام عندما خرج عن أمر ربه  وأكل من الشجرة التي نهاه الله عن الاقتراب منها ،  قال تعالى : ( وعصى آدم ربه فغوى ...)(3) لكنه – عليه السلام -  تاب لله فتاب الله عليه ، وغفر له ، ثم اجتباه وهداه  .

    ولذلك فقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده بالإكثار من الاستغفار  لتحرير انفسهم من وطأة ذنوبهم ، ومن هنا فقد كانت التوبة مخرجا للمذنبين  الذين أسرفوا على أنفسهم بارتكاب الذنوب والمعاصي ، فقال العليم الخبير : } يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير {4)

ــــــــــــــــــــــ

     (1) الألباني : السلسلة الصحيحة ؛ رقم 1952

 (2) - الألباني - المصدر: صحيح الترمذي ؛ الرقم: 2499

(3) - سورة طه الآية  121 

(4) - سورة التحريم؛ الآية 8}

 

   وقال الغفور الرحيم  } : وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير { (1)


وقال العليم الحكيم} :  وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب

 ثم لا تنصرون . واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون. أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين . أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين (2) { 

كما حث النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم المسلمين على اللجوء إلى التوبة إذا ارتكبوا خطأ  ؛ َعَنْ الأَغرِّ بنِ يسارٍ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (يا أيها الناس ! توبوا إلى الله ، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة .)(3)

  وَعَنْ أَبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( و الله إني لأستغفر الله ، و أتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة )(4)

والله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عباده إليه وبتطهيرهم أنفسهم من الخطايا والآثام ؛ عَنْ أَبي حمزةَ أَنس بِنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ خَادِمِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ

ــــــــــــــــــــ

(1) - سورة هود؛ الآية 3

(2) - الزمر؛ الآيات 54-58

 (3) - صحيح مسلم ؛ الرقم: 2702

 (4) - الألباني : صحيح الجامع ؛ الرقم: 7091

 

وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : ( للهُ أَفْرَحُ بِتَوبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ سَقَطَ عَلى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ في أَرْضٍ فَلاةٍ ) (1) فما المقصود بالتوبة ؟ وما هي شروطها ؟ وما أهم فضائلها ؟

التوبة في لسان العرب  تعنى الرُّجُوعُ من المعصية إلى الطاعة . وقد جاء في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم : (  النَّدَمُ تَوْبة)(2) وهي واجبةٌ علَى المكلَّفين جميعًا من كلِّ ذنبٍ ، قال الله تعالى }: وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون (3){
   
وتعد التوبةُ إلى الله ، مِن العبادات العظيمة التي يتقرب بها عباد الله لبارئهم ؛ ولذلك فقد كان أنبياء الله يأمورون أتباعهم بها ، ويسألون الله إياها ؛ قال الله تعالى على لسان هودٍ عليه الصلاة والسلام} : ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين) { 4 )

وقال شعيب عليه السلام لقومه }واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود { (5) وقال النبي نوح عليه السلام لقومه : } استغفروا ربكم إنه كان غفارا { (6) وقال موسى  عليه السلام : }سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين {(7)

ــــــــــــــــــــــ

(1) -  متفق عليه

 (2) ( صحيح ابن ماجه ؛ رقم 3448 )

(3) -  سورة النور الآية 31

(4) سورة هود الآية 52

(5) - سورة هود الآية 90

(6)- سورة نوح الآية 10

(7) - سورة الأعراف؛ الآية 143.

 

  وقال تعالى عن الخليلِ إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام: }ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم{  (1)    

   وكان  رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دائما يدعو في صلاته قائلا : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، إنك أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت)(2) وهذه الشواهد كلها تؤكد على أهمية التوبة . فما أهم الشروط الواجب اتباعها من أجل بلوغ توبة صادقة وجني ثمارها ؟

   شروط التوبة ؛    للتوبة كما يرى الفقهاء شروط أهمها :

-الإقلاع عن المعصية.
- الندم على فِعلها.
- العزم على عدم الرجوع إليها أبدًا.
- إرجاع الحق لصاحبه ، وطلب الصفح ممن وقع الخطأ بحقه .

     ويظل باب التوبة الصادقة مفتوحا للمذنب في جميع الأوقات ما لم يغرغر ؛  وقد وعد الله سبحانه وتعالى بقبول توبة التائبين ؛ فقال جل شأنه :  }وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى { (3)

  وعن أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه أنه قال : قال النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ، ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها. )(4)

ـــــــــــــــــــ

  (1) - سورة البقرة      الآية 128

         (2) - متفق عليه

       (3) - سورة طه؛ الآية 82

  (4) - صحيح مسلم ؛ الرقم: 2759

 

 

   وفي حديث آخرعن صفوانَ بن عسّال رضي الله عنه قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فتح الله عز وجل بابا للتوبة في المغرب عرضه سبعون عاما لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه )(1)

وهكذا فإن التوبةُ من العبادات التي تقرب بها الأنبياءُ إلى الله وكذلك والمرسَلون والمقرَّبون وغيرهم من المؤمنين ؛  قال الله تعالى }: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم  (2)  {

فضائل التوبة ؛

   للتوبة مكانة عظيمة في الدين الإسلامي ، وقد جعل الله سبحانه وتعالى التوبة من شيم عباده المؤمنين ، وأثنى عليهم بقوله : } التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين (3)    { 

ومن فضائل التوبة أنها :

1- تكفر الذنوب جميعا . قال تعالى}: يا آيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار{ . (4)

- سورة التحريم الآية 8

2- ابدال الذنوب بحسنات ؛ قال تعالى:  } والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {

ــــــــــــــــــــ

      (1) - البخاري : التاريخ الكبير ؛ 4/305

      (2) - سورة التوبة؛ الآية 117

      (3) - سورة التوبة؛ الآية 112}

      (4) - الفرقان؛ الآيات 68-70

3- نزول الغيث من السماء وزيادة المال والبنين ؛ قال تعالى على لسان نبيه نوح : } استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً{ . (1)     

4- حب الله ورحته ؛ قال الله – سبحانه وتعالى -  : }  إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين{ . (2)

5- الفلاح ودخول الجنة ؛ يقول الله تعالى: } فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُفْلِحِينَ{ (3)

  وقال العليم الخبير } وتوبوا الي الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون { (4)

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال : أشهد أن لا الله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ، فتحت له ثمانية أبواب الجنة ، يدخل من أيها شاء ) (5)

6 – كما أن التوبة تهب العبد التائب طمانينة وراحة نفسية ، فيشعر وكانه قد تحرر من عبء ثقيل كان جثم على صدره .

   ولا ينبغي للمؤمن أن يستهين بالذنوب مهما صغرت ، لأنها تتراكم فتهلك المذنب إذا لم يبادر بالاستغفار والتوبة ؛  ولذلك كان النبي الله صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من مغبة الذنوب الصغيرة  بقوله ( إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت

ــــــــــــــــــــــ

(1) - سورة نوح الآية 10

(2) - سورة البقرة الآية 222

(3) - سورة القصص؛ الآية 67

(4) - سورة النور الآية 31

(5) - سنن الترمذي ؛ الرقم  55

 

نكتة سوداء في قلبه فإذا تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها وإذا زاد زادت حتى يغلف قلبه فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون    (1) (

عن أنس بن مالك أنه قال: ( إنكم لتعملون أعمالا ، هي أدق في أعينكم من الشعر ، إن كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات . )(2)

  وكان ابن الجوزي رحمه الله يقول : الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي فإن نارها تحت الرماد، وربما تأخرت العقوبة وربما جاءت مستعجلة، وقد تَبْغَتُ العقوبات وقد يؤخرها الحلم من الله، والعاقل من إذا فعل خطيئة بادرها بالتوبة  ؛ فكم مغرور بإمهال العصاة لم يمهل.

   وكل مصيبة تحيق بالإنسان هي بفعل ذنوبه وبما كسبت يداه ، غير أن الله سبحانه وتعالى أحيانا يستدرج الظالمين ، فيصبغ عليهم من متع الدنيا ،  قال عليه الصلاة والسلام  )   : (إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد ما يحب من الدنيا على معاصيه فإنما هو استدراج،    ثم تلا قوله تعالى)  : فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين(  . وقال رسول الله : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) (3)

ــــــــــــــــ

(1) - سنن الترمذي ؛ الرقم: 3334

(2) - صحيح البخاري ؛ الرقم: 6492

(3)  - متفق عليه، وانظر صحيح البخاري ؛ الرقم: 4686

 

 

   وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه ، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه ، فقال به هكذا . قال أبو شهاب بيده فوق أنفه ، ثم قال : ( لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا وبه مهلكة ، ومعه راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، فوضع رأسه فنام نومة ، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته ، حتى اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله ، قال : أرجع إلى مكاني ، فرجع فنام نومة ، ثم رفع رأسه ، فإذا راحلته عنده ) (1)
   والتوبةُ واجبة على المكلفين جميعًا من كل ذنب كبير أو صغير، قال الله تعالى: }وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ (2) 

   والله سبحانه وتعالى يقول عن نفسه : } وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ، ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون { (3)

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz