مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

 

عقوبة الظالمين في الآخرة

محمود طافش الشتقيرات

 

   إنّ اتباع الشيطان وأعوانه - وما أكثرهم في هذه الأيام – يقود إلى نار تتلظى فاحذروهم ، وانظروا إليهم وهم  يسرحون ويمرحون ويتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام ، غافلين عن آيات الله البينات ، ولن ينتبهوا من غفلتهم إلا بعد أن ترفع

الأقلام آنذاك } يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى . يقول يا ليتني قدّمت لحياتي { (1)     ولكن هذه الذكرى لن تجدي الظالم شيئا بعدد فوات الأوان .

الله يمهل ولا يهمل :

      غير أن الله الرؤوف الرحيم يمهل ولا يهمل ، إنه ينتظر من الظالمين الضالين أن يتوبوا ويؤوبوا إليه ، ولكنهم إذا أصرّوا على غيّهم فإن عذاب الله لهم بالمرصاد . يقول اللطيف الخبير : } ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ، ولكن يؤخّرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون { (2)

    وقد يتساءل مسلم عن سر كل هذه النعم والأموال التي يتمتع بها الظالمون من أعداء الله الذين ملئوا الأرض ظلما وجورا . لهذا وأمثـاله يقول الله – سـبحانه وتعالى : } ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار . { (3)  ولعل كثيراً من الخواطر تتوارد إلى ذهن القارئ الكريم وهو يرى الظالمين في هذا الزمان وهم يرفلون بثياب العزة والسعادة والغنى دون أن يصيبهم مكروه .

        ولعله من المفيد أن أشير ونحن في هذا السياق ، إلى أن الله – سبحانه وتعالى – قد يستدرج العصاة الظالمين لأنفسهم بكثرة الأموال والأولاد ليظلوا ضالين وفي غيِّهم سادرين ، فيحق عليهم عذابه الأليم . يقول – سبحانه وتعالى   - مصورا هذه الحالة : } فلما نسوا ما ذُكِّروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء . حتى إذا فرحوا بما أُوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون{ (1) ويقول  الله  سبحانه وتعالى : } سنستدرجهم من حيث لا يعلمون { (2) ويستطيع كل ذي بصيرة أن يرى بأم عينيه الظالمين والأرزاق تنهال عليهم من كل مكان . غير أن المؤمنين بكتاب الله لا يساورهم أدنى شك بأن عذاب الله واقع بالظالمين لا محالة .  إنه وعد الله ، والله لا يخلف وعده .

             ويتدرج الله سبحانه وتعالى في خطابه للظالمين من الإنذار والتهديد إلى الإيقاع العملي للعذاب . وتأمل معي هذه الآيات البينات :

- } وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون . { (3) 

- } الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم{ (4)

- } فويل للذين ظلموا من عذاب يومٍ أليم { (5)

- }إنّا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها . { (6)

- } ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق  { (7)

       ويؤكد الله العزيز الجبار بأنه قد أهلك جميع الظالمين في العصور الغابرة } وتلك القرى اهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا { (1)  وقياسا على ذلك فإنه سيهلك الظالمين في هذا العصر وفي العصور القادمة ، وانتظروا إنّا معكم منتظرون ، } وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون . { ( 2)

       ويقول الله – سبحانه وتعالى – مخبرا عن أحوال أولئك الظالمين المُهلكين : } فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ، ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون . { (3) لكن عذاب الله العظيم هو النار التي وصفها العزيز الجبار بقوله : } إنها ترمي بشرر كالقصر { (4)

   ويضيف سيدنا وهادينا محمد – صلى الله عليه وسلم – لمسات إضافية على هذا الوصف المرعب للنار ؛ لترهيب كل من تسول له نفسه الخروج عن سبيل الحق  فيقول : ( إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل . ) (5)  وفي حديث آخر قال – صلى الله علييه وسلم : ( ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم .)(6) 

   وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يكثر من تحذير أمته من عذاب النار

.عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم -  يقول : ( أنذرتكم النار ..أنذرتكم النار .) (1) وقال – صلى الله عليه وسلم : ( مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب يقعن فيها ، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها ) قال : ( فذلكم مثلي ومثلكم ، أنا آخذ بحجزكم عن النار ، هلمَّ عن النار ، هلمَّ عن النار ، فتغلبوني وتقتحمون فيها .) (2)

  وكان السلف الصالح إذا ذكرت النار وجلت قلوبهم رهبة من عذاب الله . قال أبو بكر بن عياش : صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب وإلى جانبي ابنه عليّ ، فقرأ الفضيل : } ألهاكم التكاثر { فلما بلغ } لترونّ الجحيم { (3) سقط عليٌّ مغشيا عليه ، وبقي الفضيل لا يقدر يجاوز الآية ثمّ صلى بنا صلاة الخائف ، وأمّا عليّ فما أفاق إلا في نصف الليل . وقال ابن أبي ذؤيب : حدثني من شهد عمر بن عبد العزيز – وهو أمير المدينة – وقرأ عنده رجل : } وإذا أُلقوا منها مكانا ضيقا مقرّنين دعوا هنالك ثبورا { (4) فبكى عمر حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه فقام من مجلسه ودخل بيته وتفرّق الناس . وعوتب يزيد الرقاشي على كثرة بكائه خوفا من الله فقيل له : لو كانت النار خُلقت لك ما زدت على هذا ، فقال : وهل خُلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن والإنس ؟ أما تقرأ } سنفرغ لكم أيها الثقلان{ (5) وجعل يجول في الدار ويصرخ حتى غُشي عليه .

      ولو تذكر الظالم بأنه سيموت ، وأنه سيقف بين يديّ جبار السموات والأرض ، فإنه قد يعيد النظر في تلك الوهدة التي يتمرغ فيها ، وقد يرده الله عن غيّه إن أراد به خيرا . فالموت هو النهاية الحتمية لكل كائن حي . يقول الله سبحانه وتعالى :  } كل من عليها فان .ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام { (1)  وجدير بكل نفس أن تتذكر هذه الحقيقة ، وجدير بكل ظالم أن يتذكر بان نهايته في غرفة ضيقة معتمة موحشة ، سيأكله الدود فيها قبل أن يستقر في المقر الذي سيقوده إليه عمله ، إلى جنةٍ ونعيم مقيم ، أو إلى نارٍ وعذاب أليم .

    وقبل الموت ، يوجه الله – سبحانه وتعالى – للظالمين إنذاره الأخير ، ويذكرهم بقوله : } حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون . لعلي اعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ، ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون{

عقوبة الظالمين بعد الموت 

أ – في القبر :     

    عذاب القبر حقيقة واقعة لا شك فيها ،وقد وردت الإشارة إليه على لسان المصطفى – عليه الصلاة والسلام – في أكثر من مناسبة ؛  فقد صحّ عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : } القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار { (3)  و القبر هو أول منازل الآخرة ، وبه يبدأ عقاب الظالمين . عن أنس رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولّى عنه أصحابه ، وإنه ليسمع قرع نعالهم يأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له : انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك لله به مقعدا من الجنة ، فيراهما جميعا .) (1) ( وأما المنافق والكافر فيقال : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا ادري . ..كنت أقول كما يقول الناس . فيقال : لا دريت ولا تليت . ويُضرب بمطارق من حديد ضربة ويصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين .) (2)

   ومثال آخر : حدّث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط بني النجار على بغلة ونحن معه ، إذ حادت به فكادت تلقيه . وإذ أقبر ستة أو خمسة أو أربعة . فقال صلى الله عليه وسلم : " من يعرف أصحاب هذه الأقبر ؟" فقال رجل :أنا . قال : " فمتى مات هؤلاء ؟ " قال ماتوا في الإشراك فقال : " إن هذه الأمة تُبتلى في قبورها فلولا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه . ....) (3)

    ومثال ثالث : عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال : (إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ) ثم قال: (  بلى ، أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله )(4)  

  وقال صلى الله عليه وسلم : (  الميت يعذب في قبره بما نيح عليه )(1)  .وكما  بين لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن : ( أكثر عذاب القبر من البول .)(2) قال ابن تيمية – رحمه الله – ( إن الميت إذا مات يكون في نعيم أو في عذاب ، وان ذلك يحصل لروحه ولبدنه ، وإن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة ، وأنها تتصل بالبدن أحيانا ، فيحصل له معها النعيم والعذاب . ) (3)     ولهول هذا العذاب فقد علمنا   رسول الله – صلى الله عليه وسلم –أن ندعوا بهذا الدعاء  : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، ومن عذاب النار ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال . ) (4)

ب – عذاب الظالمين يوم الحشر .

   يصف الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بهذه الآيات التي تثير الرعب في النفوس الظالمة فيقول : }فإذا نُفخ في الصور نفخة واحدة . وحُملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة . فيومئذٍ وقعت الواقعة . وانشقت السماء فهي يومئذٍ  واهية .والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانية . يومئذٍ تُعرضون لا تخفى منكم خافية . فأما من أُوتي كتابه بيمينه فيقول هآؤم اقرءوا كتابية . إني ظننت أني ملاقٍ حسابية . فهو في عيشة راضية . في جنة عالية . قطوفها دانية . كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية . وأما من أُوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أُتي كتابية . ولم أدرِ ما حسابية . يا ليتها كانت القاضية . ما أغني عني ماليه .هلك عني سلطانية خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه { (1)  وفي موضع آخر من كتابه الكريم يقول جبار السموات والأرض : }يوم تكون السماء كالمهل . وتكون الجبال كالعهن . ولا يسأل حميم حميما . يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذٍ ببنيه وصاحبته وأخيه ، وفصيلته التيي تؤويه . ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه {2) 

   ويصف الله – سبحانه وتعالى - وقوف الظالمين في عرصات يوم القيامة يتلاومون ، نادمين على ما فرّطوا في حياتهم الأولى . قال تعالى : } ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم .. { (3). ويصف الله العزيز الجبار – جلّ شأنه – الرعب الذي يملاْ قلوب الظالمين ، والندم الذي ييسيطر على مشاعرهم فيقول : } ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسرّوا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ) (4) ثم يصف الله – سبحانه وتعالى – محاولات الظالمين اليائسة للتنصل من جرائمهم ومما وقع منهم من ظلم فيقول : } يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ، وتوفّى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون . { (5) ويأبى الله – سبحانه وتعالى – إلا أن يقيم الحجة على الظالمين المشركين بالله ، وذلك تحقيقا للعدالة المطلقة فيقول مخاطبا ملائكته : } أهؤلاء إيّاكم كانوا يعبدون ؟ قالوا : سبحانـك أنت وليّنـا من دونهم بـل كانوا يعبدون الجن ،  أكثرهم بهم مؤمنون { .  ويسأل الله – سبحانه وتعالى – نبيه عيسى بن مريم عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام : } أأنت قلت للناس اتخذوني وأميَ إلهين من دون الله ؟ { (1)

            ويؤكد المنتقم الجبار وقوع العذاب بالظالمين  فيقول : } فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنّهم حول جهنم جثيّا { (2) آنذاك تكون الحسرة ويكون الخسران } ويوم يعضّ الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ، يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا { (3)

     وهكذا يتأكد الظالم بأن الرسول حق ، وبأن صحبة رفاق السوء مدمّرة ، ولكن بعد فوات الآوان ، فيغرق في ندم لا نهاية له . ولسان حاله يردد : } يا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا { (4) وأحيانا يرجع إلى نفسه وهو يصرخ:  ) يا ليتني قدمّت لحياتي ) ( 5) أو} يا ليتني كنت ترابا { (6) ولكن هيهات هيهات أن يأبه الله بتمنياتهم أو أن يستمع لتوسلاتهم بعد أن كذّبوا أنبياءه  ورسله فيقول لهم : }هذه النار التي كنتم تكذّبون ، أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون { (7)

      ولإبراز شدة الندم الذي يعصف بالظالم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

: ( يُقال للكافر يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت تفتدي به ؟ فيقول نعم ..) (1)

     وينظر الظالمون الضالون إلى المؤمنين المتقين المنعّمين ، والذين كانوا من قبل مستضعفين ، ويسألونهم برجاء : } ألم نكن معكم ؟{ (2) فيردون عليهم قائلين : } بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرّتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغرّكم بالله الغرور ، فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ، ولا من الذين كفروا ، مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير { (3) فينظرون إلى إبليس الذي أضلّهم عاتبين غاضبين ، فيبتعد عنهم وهو يضحك منهم ، معترفا لهم بأنه قد أضلّهم : } إنّ الله وعدكم وعد الحق ، ووعدتكم فأخلفتكم ، وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم . {4) وهكذا تكون عاقبة الظالمين مرعبة .قال الله سبحانه و تعالى : } كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إنّي بريء منك إنّي أخاف الله رب العالمين ، فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين { (5)

    وقد أشار الله – سبحانه وتعالى – في أكثر من موضع في كتابه العزيز إلى أن مصير الظالمين الذين كفروا هو الخلود في النار . قال العزيز الجبار : } ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد { (6)  وقال جلّ شأنه : } إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا .إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا{ . } (1) ووصف – سبحانه وتعالى هذه النار الرهيبة  ليحذرها أولئك الذين يوظفون عقولهم في  درء الشر عن أنفسهم . أما الظالمون فإن النار :)   إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا {(2)   . وإن الجحيم  :  } إذا أُلقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ { (3)  ويلقون في النار بطريقة تنم عن فداحة ما ارتكبوه قال تعالى : ( يوم يدعّون إلى نار جهنم دعّا . هذه النار التي كنتم بها تكذبون .) (4)       ويصف الله – سبحانه وتعالى – أحوالهم فيها فيقول :  } كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب {  (5) وفي موضع آخر يقول جلّ شأنه : } لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا  { (6) ويقول :  }وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا  { (7) ويقول مصورا الندم الشديد الذي يثقل نفوسهم لأنهم لم يتبعوا داعي الله } يوم تُقلّب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا { (8)

     ويبين الله – سبحانه وتعالى – في أكثر من موضع من كتابه العزيز ، بأن الظالمين عندما يرون العذاب سيندمون وسيطلبون من الله إعطاءهم فرصة أخرى ليؤمنوا ويرجعوا عن ظلمهم ، وليعملوا الأعمال الصالحة ولكن الله الحاكم العادل يلزمهم الحجة ويذكّرهم بتحذيراته المتكررة لهم }وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخّرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل . أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال . وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال . { (1)

      وحين يتيقن الظالمون بأن عذاب الله الشديد واقع بهم يندمون على ما بدر منهم من ظلم ، ويتمنى كل واحد منهم لو أنه يستطيع أن ينقذ نفسه بكل شيء يملكه مهما عظم . قال تعالى : } ولو أنّ لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به { (2)

   وحين يذكّر الله العزيز الجبار أولئك الظالمين بتحذيراته المتكررة لهم يبهتون ،  ولا يجدون جوابا يردون به عن أنفسهم ، ولا يستطيعون الرجوع إلى الدنيا ليصلحوا ما أفسدوا .. قال تعالى واصفا حالهم آنذاك : } ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون { (3) 

     ومن مشاهد يوم القيامة التي وردت في القرآن الكريم تصف أحوال الظالمين أستعرض الآيات الآتية :

 

 } وترى الظالمين لمّا رأوا العذاب يقولون هل إلى مردٍّ من سبيل { (1)

} ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تُجزون إلا بما كنتم تكسبون { (2)

} والذين كفروا لهم نار جهنم لا يّقضى عليهم فيموتوا ولا يخفّف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور . وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل ، أولم نعمرّكم ما يتذكر فيه من تذكّر وجاءكم النذير ، فذوقوا فما للظالمين من نصير { (3)    

 } وإن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا{ (4)

                                              

                                              

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz