مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

الآثارالمدمرة التي تترتب على الظلم

محمود طافش الشقيرات

 

    يقف الظلم وراء كل فساد ودمار وقع أو يمكن أن يقع على وجه الأرض ، وهو المسبب الرئيس للاضطرابات والأزمات والويلات والجرائم التي تعاني منها البشرية ؛ وهو في هذه الأيام يصول ويجول ، ويعيث في الأرض فسادا ، قتلا وسلبا ، دون وازع من ضمير أو رادع من قيم .  لهذا فقد شرع الله – المنتقم الجبار - عقاب الظالمين في كتابه الكريم ، وعلى لسان رسوله العظيم ، وجعل النار وسيلة لذلك العقاب الأليم ، فقال : }إنّا أعتدنا للظالمين نارا { (1)

      ويبين رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بأن السبب المباشر لسقوط الناس في جحيم النار هو اتباعهم لشهواتهم ، فيقول ، جزاه الله عنا خير الجزاء : ( حفّت النار بالشهوات ، وحفّت الجنة بالمكاره ) (2)      

       وللظلم آثار وخيمة متعددة على الفرد وعلى المجتمع ، فهو يفسد كل شيء يمرّ عليه ويترك خلفه المصائب والهموم والأحزان ، لذلك فإن غضب الله يقع على الظالمين فيسلط عليهم جنوده . وأما المؤمنون فإن كل ما يصيبهم من أذى ، يحصل لهم به أجر وثواب عند ربهم الكريم الحكيم - سبحانه وتعالى – وهذه الحقيقة بيّنة ناصعة في حديث  سيدي وحبيبي رسول الله صلى الله وسلم : (عجبا لأمر المؤمن ، إنّ أمره كله خير ، وليس ذلك إلا للمؤمن ، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له . ) (1)

الآثار التي تترتب على الظلم :

أولاً : على الظالم في الدنيا :

أ – تظلم بصيرته :  فلا يفرّق بين الخير والشر ،فيسقط في مستنقعات الحرام وتتكاثر عليه خطاياه فتوبقه .  وفي هذا المعنى قال الله سبحانه وتعالى :  } كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون {  (2)  وقد وصف الله سبحانه وتعالى هؤلاء الظالمين بقوله:  }  ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرا من الجنّ والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها ، ولهم آذان لا يسمعون بها ، أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون {  (3)  

ب – الظلم يطفيء نور العلم . فالظلم والعلم النافع على طرفي نقيض ، لا يلتقيان أبدا ، لأن الظلم يطمس القلوب ويترك عليها غشاوة فلا تفقه الحقائق . وفي هذا المعنى قال الإمام الشافعي رحمه الله :

      شكوت إلى وكيعٍ سوء حفظي              فأرشدني إلى ترك المعاصي

      وأخبرني بـأنّ العلـم نـورٌ               ونـور الله لا يهدى لعاصي

جـ – الظلم يورث صاحبه المذلة ، ويجعله بليدا لا يستجيب لتأنيب ضمير ، ولا يخجل من فعل عمل مشين . وفي هذا المعنى قال ابن المبارك :

   رأيت الذنوب تميت القلـوب                    وقـد يورث الـذل إدمانـها

       فإذا كثر الظالمون وفشا جورهم في المجتمع فإن كثرة الظلم تكون :

د – مدعاة لغضب الرب فيهلك الظالمين عاجلاً أو آجلاً .  يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه :  } وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيراً بصيراً { (1)  وسجل التجارب الإنسانية  حافل بهذه الأخبار التي تنم عن نقمة العزيز الجبار . ومن أنصع الأمثلة على إهلاك الله للأمم الظالمة ، إهلاكه لقوم نوح بالطوفان وقوم عاد بالريح العقيم وقوم صالح بالصيحة . وغيرهم كثير .

هـ – الظلم يمحق النعم ويجلب النقم ؛ وقد اقتضت سنة الله المنعم ، وعدله المحكم ، أن لا يُزيل نعمة أنعمها على قوم إذا حافظوا عليها بالشكر ، ولم يوظفوها لعمل الشر ، فهو يجزي أهل الإحسان إحسانا ، وأهل السوء يجازيهم شرا وخسرانا ، فإن أحسن الناس فإحسانهم لأنفسهم ، وإن أساءوا فإساءتهم ترتد عليهم . يقول العليم الحكيم  } لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد . { (2)  ويقول سبحانه وتعالى } وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير { (3

 

      وإذا لم يرتدع المذنب فإن المعاصي تتكاثر عليه حتى تعم المجتمع ، فيستحق الناس بذلك عقاب الله . يقول المنتقم الجبّار :  } وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون {  (1) ولعل في هذه الآية البينة إنذارا لبعض الشعوب المسلمة التي غمرها الله برزق وفير ومال كثير لم تكن تحلم به ، فاستباحت المعاصي ، واتخذت العنصرية وظلم الناس مطيّة .. ولعلهم يرجعون إلى ربهم قبل أن يعيد الكرة عليهم فيذيقهم لباس الجوع والخوف بما يصنعون ، كما فعل بأمثالهم من الظالمين في غابر الأيام . ولا عجب في ذلك لأن سوء الخلق يضيّق أبواب الرزق  ؛ وقد ورد عن أحد الصالحين قوله  : ( من ساء خلقه ضاق رزقه .)(2)   كما أن كثرة المال تكون في كثير من الأحيان سببا في ارتكاب المظالم وفي الافتراء على عباد الله ؛ يقول ربنا سبحانه وتعالى :  } ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض . {  (3) ويقول نبينا ومنقذنا صلى الله عليه وسلم محذّرا المسلمين من فتنة المال : ( إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من بركات الأرض .) (4) وانظر إليهم كيف أنهم لا يعتبرون .                

      وكل هذه الآثار غير السارة تمخضت عن الظلم الذي فشا في المجتمعات ، وهي مقدمة لعذاب أكثر شدة وفتكا وتدميرا إذا لم يرجع الظالمون عن ظلمهم . يقول الله سبحانه وتعالى:  }ظهر الفسـاد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس

ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون . {  (1)  لكنهم إذا لم يرجعوا فإن العزيز الجبار  سيثقل عليهم المعيار، وسيتدرج في زيادة العقوبة حتى لا يكون أمامهم إلا واحدا من مخرجين ، إمّا أن يرجعوا وإما أن يهلكوا .. ، وهكذا فإن الظلم يمحق النعم بكافة أنواعها ويجلب النقم بمختلف أشكالها ، يقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الرجل ليُحرم الرزق بالذنب يصيبه ) (2)  وفي هذا المعنى قال الحكيم العربي :

       إذا كنـت في نعمة فارعهـا               فإنّ الذنـوب تزيـل النـعم

       وحطهـا بطـاعة رب العباد               فربُّ العبـاد سريـع النقـم

       وإياك والظلـم مهما استطعت              فظلم العبـاد شديـد الوخـم         

    ويصف الله سبحانه وتعالى حال الظالمين بعد أن يسلبهم نعمه التي أسبغها عليهم ، فيقول :  } كم تركوا من جنّات وعيون وزروعٍ ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين ، كذلك وأورثناها قوما آخرين  {  (3) كذلك فعل الله بأهل سبأ الذين أغدق عليهم نعمته فعصوا أمره فأغرقهم ببطرهم وعدم شكرهم . قال سبحانه وتعالى  } لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ، فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدّلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل  {  (4)

و – والظلم يسلب الإنسان نعمة الأمان ، ويتركه يتخبط في حياته قلقا حائرا لا يستقر على حال ، يجني ما زرعته يداه من بذور الفساد والفتنة مرضاً أو خوفاً أو جوعاً . وتأملوا معي قول نبينا صلى الله عليه وسلم : ( يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم  ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يُمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلّط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ، ويتخيّروا  مما أنزل الله إلا جعل بأسهم بينهم ) (1) وهذا لعمري قول حكيم ، يصدر عن رجل لا ينطق عن هوى ، ولا يحتاج إلى تعليق ، وهو واقع في أكثر من مكان في هذا العالم المضطرب الذي يموج في الحروب والفتن....فراقبوه .

ز – وظلم المؤمن لغيره أولنفسه يسلبه نعمة الإيمان الذي يملأ قلبه سعادة وطمأنينة ، وهذه النعمة تزداد بزيادة الإيمان ، وتنقص بارتكاب المعاصي والذنوب ، فإذا ارتكب المؤمن كبيرة من الكبائر فقد ضيّع إيمانه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ..لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ..)(2)  وإذا فقد المؤمن إيمانه ذاق مرارة العذاب النفسي ، وضيّق عليه ضميره الخناق بالتأنيب .

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz