مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

جزاء المتقين ....الجنة

محمود طافش الشقيرات

جزاء المتقين الجنة ؛ ولهذا كانت  التقوى، هي وصية الله للأولين والآخرين من عباده ؛ قال تعالى : ]ولقد وصينا الذين أُتوا الكتاب من قبلكم وإياكم ، أن اتقوا الله  [ وقد جعلها الله  سبحانه وتعالى وصية جامعة ، لما لها من فضل عظيم في الدنيا والآخرة ، فهي الحصن الحصين ، والحرز المتين ، من كل شر ، وهي الجالبة لكل خير ، والحارسة من كل ضير

وكما أن المسافر يتزود لسفره بما يحتاج إليه من مال ، أو طعام وشراب ، فإن خير زاد يمكن أن يتزود به الإنسان المؤمن ، الذي يتطلع إلى لقاء ربه هو " تقوى الله " لأنها بطاقة عبوره الخضراء ، إلى جنات الله ، التي تهفو إليها قلوب المخلصين. لذلك فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه دائما على أن يتزودوا  بتقوى الله ، وبكل ما يترتب عليها من القيام بالأعمال الصالحةالتي تقرّب العبد من ربه ، والابتعاد عن كل ما نهى الله عنه من قول أو فعل .

       وكما يتزود الإنسان بالطعام الذي لا غنى عنه لاستمرار حياته الدنيوية الفانية ، فإنه يتزود بتقوى الله التي هي أسرع الطرق إلى جنة الله العالية . وذلك ليضمن لنفسه حياة آمنة مطمئنة باقية ؛ لأنه يكون بذلك في كنف الله .

       ويوصي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأن يتزودوا  بالصدقات  وبأعمال البر التي من شأنها أن تغسلهم من  ذنوبهم ، وأن تؤهلهم للفوز بمغفرة ربهم التي هي من موجبات رحمته ، واللازمة التي لا غنى عنها لدخولهم جنته الفسيحة ، قال سبحانه وتعالى : ]وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين [ (2)

ولتقوى الله ثمرات عديدة ، وفوائد متكاملة ، تمكّن العبد المؤمن  التقي من الفوز برضا الله جل وعلا ومن أبرز هذه الفوائد والثمرات : حب الله ؛ وقد ورد تأكيد هذه الحقيقة الرائعة في أكثر من موضع من كتاب الله ، يقول سبحانه وتعالى : ]إن الله يحب المتقين [  ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما رواه عن ربه :" وما يزال عبدي يتقرب إلي في النوافل حتى أحبه "  فـ " إذا أحب الله العبد نادى جبريل ، :إن الله تعالى يحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض." 

ومن ثمرات التقوى أيضا ، عون الله للمتقين ليثبت أقدامهم ، ولينصرهم على أعدائهم ،. ولعل من أبرز دواعي شعور المتقين بالثقة والطمأنينة هو إيمانهم بأن الله- سبحانه وتعالى -  معهم   في كل زمان  وفي كل مكان ، يحرسهم من كيد الكائدين ، ويؤيدهم في كل أعمالهم ، وشعارهم في ذلك قوله سبحانه وتعالى : ]إن الله يدافع عن الذين آمنوا [   فإذا هم رفعوا راية الجهاد لإعلاء كلمة الله ، كانوا متيقنين  بأن الله مع المتقين ، ينصرهم على أعدائهم ، ويورثهم الأرض ، ويمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم . يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز : ]واعلموا أن الله مع المتقين [   ويتكرر هذا اليقين في أكثر من آية في سورة البقرة ، وفي أكثر من موضع من كتاب الله ... حقا ] إن الله مع الذين اتقوا ، والذين هم محسنون .[ ومن كان الله معهم فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؛ لأنه سيرعاهم برعايته ، وسيحفظهم بحفظه ، وسيمكنهم من الفوز على أعدائهم في الدنيا  ومن الفوز بجنات رائعات في الآخرة .

أخرج ابن أبي الدنيا ، عن عروة قال : " كتبت عائشة إلى معاوية . أما بعد ، فاتق الله ، فإنك إذا اتقيت الله كفاك الناس . ."  وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي حازم ، قال : : ترصدني أربعة عشر عدوا ؛ أما أربعة منها ، فشيطان يضلني ، ومؤمن يحسدني ، وكافر يقاتلني ، ومنافق يبغضني . وأما العشرة منها ؛ فالجوع والعطش ، والحر والبرد ، والعري والهرم ،والمرض ، والفقر والموت والنار ، ولا أطيقهن إلا بسلاح تام ، ولا أجد لهم سلاحا أفضل من التقوى ."  

ومن ثمرات التقوى كذلك ؛ الرزق الوافر الذي  يصبوا إليه كثير من الناس  يهبه الله لعباده المتقين الذين يحسنون  لتصرف به ، وإنفاقه في وجوه الخير المختلفة  .

 وتقوى الله هي مجمع الأخلاق الفاضلة ، وعباد الله المتقون ، تتنزل عليهم الخيرات  من كل مكان ، من السماء  ومن الأرض ،  ومن حيث لا يحتسبون . قال تعالى : ]ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ، لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ، [

وكذلك من ثمرات التقوى ؛ الحكمة وفصل الخطاب ، حيث يهب الله عباده المتقين  ذهنا صافيا ورأيا صائبا  وقدرة فائقة على التفريق بين الحق والباطل ، وبين ما يجب عمله  وما ينبغي تركه ،. قال سبحانه وتعالى - : ]يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا [ وليس هذا فحسب ، بل وأيضا ] ويكفّر عنكم سيئاتكم ، ويغفر لكم ، والله ذو الفضل العظيم [ 

ويكرّم الله هؤلاء المتقين ، وييسّر لهم كل ما يمكن أن يخطر على بالهم ، وكل ما يمكن أن تشتهيه أنفسهم من متع طاهرة مطهّرة ؛ قال سبحانه وتعالى : ]لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين [  وقال سبحانه  مخاطبا هؤلاء المتقين : ]ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ، ولكم فيها ما تدعون ، نزلا من غفور رحيم [

ومن ثمار التقوى ؛ تفريج الكرب ، والنجاة من الشدائد ؛ حيث يُذهب الله  عنهم أحزانهم   ، ويجلو عنهم  همومهم عن أنفسهم ، ويحفظهم من كل مكروه ، ويتدخل لإنقاذهم وتفريج كربهم ، ] ومن يتق الله يجعل له مخرجا [  من كل مأزق يمكن أن يجد نفسه فيه ، وليس هذا فحسب ؛ بل ويكفل لهم الرزق الكريم ، ويكفيهم شرور الأعداء . يقول سبحانه وتعالى :] ومن يتق الله يجعل له مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه . إن الله بالغ أمره . [  ولا عجب في ذلك فإنه سبحانه وتعالى ]يدافع عن الذين آمنوا [وفي موضع آخر قال جل شأنه : ]وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم ، لا يمسّهم السوء ، ولا يهم يحزنون [

ومنها أيضا : الفوز بالحسنيين ،والسعادة التامة في الدنيا والآخرة . قال تعالى : ]الذين آمنوا وكانوا يتقون ، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة [  وفوق ذلك كله يرحمهم الله ، ويجعل لهم نورا ؛ قال تعالى : ] اتقوا الله وآمنوا برسوله ، يؤتكم كفلين من رحمته ، ويجعل لكم نورا [  وهذا فضلٌ من الله عظيم يهبه لعباده الذين أحسنوا في الحياة الدنيا ، وظنوا أنهم ملاقو الله . فقالوا :] ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة [  فأجابهم الله لما سألوا ، لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فتفضل عليهم بفضله العظيم . يقول سبحانه وتعالى : ]للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ، ولدار الآخرة خير ، ولنعم دار المتقين ، جنات عدن يدخلونها ، تجري من تحتها الأنهار ، لهم فيها ما يشاءون ، كذلك يجزي الله المتقين .[  وقد تسابق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، للفوز بالشهادة التي هي أسرع وأضمن وسيلة تقود إلى رحاب الله . ومن أبرز النماذج لهؤلاء النفر الصالحين ، المتطلعين إلى ما عند الله عمير بن الحمام الأنصاري ، وتتلخص قصته  في أنه " لما دنا المشركون من الجيش الإسلامي في معركة بدر ، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه قائلا : قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ، ولما سمع عمير رضي الله عنه نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :

-         يا رسول الله ! جنة عرضها السموات والأرض ؟

قال : نعم .

قال الصحابي : بخٍ بخٍ  وهي كلمة استحسان وتعجب .

قال له الرسول صلى الله عليه وسلم  : وما يحملك على قول بخٍ بخٍ ؟

قال : رجاء أن أكون من أهلها .

فأخرج ذلك الصحابي تمرات كانت معه ،وأخذ يأكل منها ، ليقوى بها على المعركة . ثم قال رضي الله عنه : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه ، إنها حياة طويلة . فرمى ما كان معه من التمر ، ثم قابل المشركين وهو يقول :

ركضنــا إلــى الله بغيــر زاد      إلا التقـى وعمـل المعـاد

والصـبر فـي الله علـى الجـهاد      وكـــل زاد عرضة النفاد

غير التقى والبر والرشاد

فما زال يقاتل حتى استشهد في سبيل الله .

 وبعد الموت ، يتكفل الله بعباده المتقين ، فيحسن استقبالهم ، يوم تبيضُّ وجوهٌ  وتسودّ وجوه ،وينجيهم من عذاب النار ] ثم ننجي الذين اتقوا [ وتأمل معي قول الله العظيم  : ]يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا [  ثم يتفضل جل شأنه -  فيدخل عباده المتقين ، الدار الآخرة المرفهة ، التي أعدها لاستقبالهم ولإقامتهم ، فيهنئون بها خالدين ، لا يعكر حياتهم الصافية  المنعّمة شيء . يقول سبحانه وتعالى واصفا هذا المشهد الرائع : ]وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ، حتى إذا جاءوها ، وفُتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها ، سلام عليكم ، طبتم ، فادخلوها خالدين . وقالوا الحمد لله ، الذي صدقنا وعده ، وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين [ وفي موضع آخر يصف سبحانه وتعالى هذا المشهد الرائع  بقوله : ]وأُزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ، هذا ما توعدون ، لكل أواب حفيظ ، من خشي الرحمن بالغيب ، وجاء بقلب منيب . أدخلوها بسلام آمنين ، ذلك يوم الخلود .[ وهكذا أكرمهم الله كل الإكرام ، فازدادت أنفسهم اطمئنانا وصفاء .

نعم ، لقد وعد الله عباده المتقين بأن يهيئ لهم أسباب السعادة الجسدية بأن يدخلهم الجنة ، ويمتعهم بزوجات طاهرات مطهرات من كل الشوائب ، وأن ينعم عليهم بالسعادة الروحية ، بأن يصبغ عليهم رضاه ، فتسكن أنفسهم ، بما حباهم الله من سعادة روحيه كان قد وعدهم بها ، فقد ]وعد الله المؤمنين والمؤمنات  جنات تجري من تحتها الأنهار  خالدين فيها ، ومساكن طيبة  في جنات عدن  ورضوان من الله أكبر  ذلك هو الفوز العظيم .[

وقد أعدّ الله سبحانه وتعالى -  جنات عطرات وارفات ؛ جزاء لعباده المتقين ، فقال  - جلّ شأنه -  : ]إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم [ وجعلهم خالدين فيها ، لا يمسهم فيها لغب ولا نصب ، وهيأ لهم فيها كل ما تشتهيه أنفسهم من متع الحياة الباقية ، وكل ما يمكن أن يخطر على بال المؤمن التقي . يقول- عزّ من قائل  - :] ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ، ولكم فيها ما تدعون ، نزلا من غفور رحيم .[ ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عزّ وجل :أعددت لعباديَ الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ."

       وقد وردت الإشارة إلى هذا الفضل العظيم في أكثر من موضع من كتاب الله الكريم ؛ يقول سبحانه وتعالى : ]تلك الجنة نورث من عبادنا من كان تقيا ، [  ويكرر سبحانه وتعالى هذا الوعد الحق  في أكثر من موضع  من كتابه العظيم ، فيقول : ]مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار ، أكلها دائم وظلها ، تلك عقبى الذين اتقوا ، [  ويقرر سبحانه وتعالى تلك الحقيقة الرائعة بقوله : ]إنّ المتقين في جنات وعيون [) وقوله- جل شأنه - : ]إن المتقين في جناتٍ ونهر ، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر [ ثم يصف جل شأنه ما هم فيه من أمن وطمأنينة وهدوء بال ، وهم يتسامرون على ضفاف الأنهار  وعلى شواطئ البحيرات . فيقول عزّ من قائل - : ]أن المتقين في جنات وعيون ، ادخلوها بسلام آمنين ، ونزعنا ما في صدورهم من غل ، إخوانا على سررٍ متقابلين[

       وقد حث الله  سبحانه وتعالى ، عباده المؤمنين ، على العمل الجاد الخالص لوجهه الكريم ، ليفوزوا بهذه الحياة السرمدية الأبدية الهانئة التي أعدها للقانتين منهم . فقال _ جلّ وعلا]سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ، أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم [ 

       وفي موضع آخر قال سبحانه وتعالى : ]وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين [، وقد وصف الله جل ذكره - هذه الجنة مبرزا ما فيها من نعم وخيرات ، وجميع أنواع المأكولات والمشروبات المنعشة ، إضافة إلى جميع أنواع الفواكه والثمار المتاحة لهم والمتدلية على أغصانها في متناول أيديهم ،فيقول : ]مثل الجنة التي وُعد المتقون ، فيها أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، ولهم فيها من كل الثمرات [  وقال - سبحانه وتعالى-  مفصّلا : ]وفاكهة كثيرة ، لا مقطوعة ولا ممنوعة ، [  و] ذللت قطوفها تذليلا [  وإضافة إلى كل ذلك ، يقول سبحانه وتعالى : ]وأمددناهم بفاكهةٍ ولحمٍ مما يشتهون [  ويحنو عليه فرحا بقدومهم ، ]كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية [

       ويأتي جل شأنه على ذكر مساكن أهل الجنة التي تجري من حولها الأنهار فيصفها بأنها ] غرف من فوقها غرف مبنية ، تجري من تحتها الأنهار ، [  وفيها كل ما يمكن أن يحتاج إليه الإنسان المُرفّه المُنعّم : ]فيها سررٌ مرفوعة ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابيّ مبثوثة [

       وقد وصف الله جلّ في علاه - أحوال المتقين في هذه الجنة بقوله : ]إن المتقين في جنات وعيون ، فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ، كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ، متكئين على سرر مصفوفة ، وزوجناهم بحورٍ عين [ ويضيف سبحانه وتعالى : ]وأمددناهم بفاكهةٍ ولحمٍ مما يشتهون ، يتنازعون فيها كأسا لا لغوٌ فيها ولا تأثيم ، ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤٌ مكنون [     وفي موضع آخر يقول سبحانه وتعالى : ]إن المتقين في ظلال وعيون ، وفواكه مما يشتهون ، كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ، إنا كذلك نجزي المحسنين [ ويقول سبحانه وتعالى : ]إن للمتقين مفازا ، حدائق وأعنابا وكواعب أترابا ، وكأسا دهاقا ، لا يسمعون فيها لغوا ولا كذّابا ، جزاءً  من ربك عطاءً حسابا [  ويقول : ] إن للمتقين لحسن مآب ، جنات عدنٍ مفتحةً لهم الأبواب ، متكئين فيها ، يدعون فيها بفاكهةٍ كثيرةٍ وشراب ، وعندهم قاصرات الطرف أتراب [ ويقول : ]إن المتقين في مقام أمين ، في جنات وعيون ، يلبسون من سندسٍ واستبرق متقابلين ، كذلك وزوجناهم بحورٍ عين ، يدعون فيها بكل فاكهةٍ آمنين ، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ، ووقاهم عذاب الجحيم ، فضلا من ربك ، ذلك هو الفوز العظيم   [ ويضيف - جلّ شأنه - : ]عاليهم ثيابٌ سندسٍ وإستبرق [    وكذلك ] يُحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا [ وفي موضع آخر قال -سبحانه وتعالى - : ]وحلوا أساور من فضةٍ ، وسقاهم ربهم شرابا طهورا [  وتراهم  ] متكئين على فُرُشٍ بطائنها من إستبرق [ ويجلسون على] سررٍ موضونة ، متكئين عليها متقابلين [  ]يُطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب  [ و أحيانا أخرى ] يُطاف عليهم بآنية من فضة ، وأكوابٍ كانت قواريرا ، قواريرا من فضة قدروها تقديرا [  وفي موضع آخر: ]ويطوف عليهم غلمان لهم ، كأنهم لؤلؤٌ مكنون [  وفي موضع آخر :]ويطوف عليهم ولدان مخلدون ، إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً مكنوناً [ وفي موضع آخر : ]ويطوف عليهم ولدان مخلدون ، بأكوابٍ وأباريق وكأسٍ من معين ، لا يُصدّعون عنها ولا ينزفون ، وفاكهةٍ مما يتخيرون ، ولحمِ طيرٍ مما يشتهون [

       وفي وصف مشاهد أخرى من ألوان السعادة التي يتمتعون به المتقون يوم القيامة ،   قال سبحانه وتعالى  متفضلا ومنعما : ]ولهم فيها أزواجٌ مطهرةٌ وهم فيها خالدون[  "  وليس هذا فحسب بل : ]وكواعب أترابا [    وقد وصف الله هذه الزوجات بقوله :] أنّا أنشأنا هن إنشاءَ ، فجعلناهن أبكارا ، عربًا أترابا [

       وأضاف سبحانه وتعالى  في موضع آخر : ]وعندهم قاصرات الطرف عين ، كأنهن بيض مكنون [  وفي وصف آخر] كأنهن الياقوت والمرجان [  وإضافة إلى كل ذلك فقد أنزل عليهم السكينة ، ونزّههم عن الإحن والأحقاد . يقول سبحانه وتعالى - : ]ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخواناً على سررٍ متقابلين [   وهم يعيشون في جو من الهدوء التام ، لا يخدش أسماعهم صوت نشاز أو كلمة نابية . ] لا يسمعون فيها لغوا ولا كذّابا [   كما أنهم ] لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ، إلا قيلا سلاماً سلاما[  إضافة إلى أنّ ]دعواهم فيها ، سبحانك اللهم ، وتحيتهم فيها سلام ، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [  وفوق ذلك كله تراهم يتسامرون في سعادة تامة  ]والملائكةُ يدخلون عليهم من كل باب   [   يقولون لهم : ]سلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار [   وهنا يسجل الله- سبحانه وتعالى امتنان عباده وشكرهم لأفضاله فيقول : ]وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، إن ربنا لغفورٌ شكور ، الذي أحلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب [   وهم في هذه النعم خالدون خلودا لا فناء له ، مطمئنين إلى أنهم، كما قال ربهم ]لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ، ووقاهم عذاب الجحيم [    يسبحون بحمد ربهم ، ويشكرون نعمه التي ليس لها حدود

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، خبرا عن هذا الفضل الرباني  : " إذا صار أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، جيء بالموت ، حتى يُجعل بين الجنة والنار ، فيذبح ، ثم ينادي منادٍ : يا أهل الجنة لا موت ، يا أهل النار لا موت . فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ، وأهل النار حزنا إلى حزنهم ."

       وورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة ، من يتمنى ، ويتمنى ، حتى إذا انقطعت به الأماني ، قال الله تعالى ، لك ذلك وعشرة أمثاله ." وقال عليه أفضل الصلاة والسلام : " ينادي منادٍ : يا أهل الجنة ، إن لكم أن تصحّوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشّبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ."

   وقال عليه الصلاة والسلام : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، نادى منادٍ يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، فيقولون ما هو ؟ ألم يبيّض وجوهنا، ويثقل موازيننا ، ويدخلنا الجنة ، ويجرنا من النار ؟ قال فينكشف الحجاب ، فينظرون إليه ، فما أعطاهم شيئا أحبّ إليهم من النظر إليه ."

واستكمالا لمشاهد هذا الفضل العظيم ،  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الله يقول لأهل الجنة ، يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك . فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى ؟ يا رب ، وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحدا من خلقك . فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟فيقولون : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ ..فيقول أُحلُّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم بعده أبدا ". فطوبى لهم وحسن مآب.


Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz