مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

نماذج من عباد الله الصابرين :

      الصبر خلق الأنبياء والمرسلين وغيرهم من عباد الله الصالحين ، وقد ضرب أنبياء الله - صلوات الله عليهم - أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى من أجل الدعوة إلى الله، وقد تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاق في سبيل نشر الإسلام، وكان أهل قريش يرفضون دعوته للإسلام ويسبونه، ولا يستجيبون له، وكان جيرانه من المشركين يؤذونه ويلقون الأذى أمام بيته، فلا يقابل ذلك إلا بالصبر الجميل. يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- عن صبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتحمله للأذى: (كأني أنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) (19)

  ونموذج آخر من الصابرين : أسلم عمار بن ياسر وأبوه ياسر وأمه سمية - رضي الله عنهم- وعلم الكفار بإسلامهم، فأخذوهم جميعًا، وظلوا يعذبونهم عذابًا شديدًا، فلما مرَّ عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لهم: (صبرًا آل ياسر! فإن موعدكم الجنة (20

  وصبر آل ياسر، وتحملوا ما أصابهم من العذاب، حتى مات الأب وماتت الأم من شدة العذاب، واستشهد الابن بعد ذلك في إحدى المعارك؛ ليكونوا جميعًا من السابقين إلى الجنة، والضاربين أروع الأمثلة في الصبر وتحمل الأذى.


    وقد وصف الله – سبحانه وتعالى- كثيرًا من أنبيائه بالصبر، فقال جل شأنه  في سورة  : {وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين . وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين .}(21)


   وقال تعالى مخاطبا رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم : {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل}(22). وأولو العزم من الرسل هم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه.


   وقال تعالى: {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وآُذوا حتى أتاهم نصرنا} (23) . وأما أيوب فقد كان -عليه السلام- رجلا كثير المال والأهل، فابتلاه الله واختبره في ذلك كله، فأصابته الأمراض، وظل ملازمًا لفراش المرض سنوات طويلة، وفقد ماله وأولاده، ولم يبْقَ له إلا زوجته التي وقفت بجانبه صابرة محتسبة وفيةً له. قال تعالى عن نبيه أيوب: {إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب . }لذلك فقد كان أيوب مثلا عظيمًا في الصبر، فقد كان مؤمنًا بأن ذلك قضاء الله، وظل لسانه  ذاكرًا، وقلبه شاكرًا، فأمره الله أن يضرب الأرض برجله ففعل، فأخرج الله له عين ماء باردة، وأمره أن يغتسل ويشرب منها، ففعل، فأذهب الله عنه الألم والأذى والمرض، وأبدله صحة وجمالا ومالا كثيرًا، وعوَّضه بأولاد صالحين جزاءً له على صبره، قال تعالى: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب} (24)

    وحيث إن الصبر من مكارم الأخلاق التي أعد الله للمتزينين بها  ثوابا عظيما  فإن الله سبحانه وتعالى قد حث أنبياءه  وعباده المسلمين  على التمسك به ،فقال جل شأنه: { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ... }(25) : وقال سبحانه  { أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما } (26) وجعل الجنة جزاء لمن يصبر ؛فقال سبحانه وتعالى: {وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا} (27) 

   وكان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الصبر ؛  يروي عنه صلى الله عليه وسلم انه أوصى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بقوله : (يا غلام - أويا بني - ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ؟ فقلت بلى ، قال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، جف القلم بما هو كائن ، فلو أن الخلق اجتمعوا على أن ينفعوك أو يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه ، واعمل لله بالشكر في اليقين ، واعلم أن النصر في الصبر . تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن للصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا)(28)  

   ومن قصص الصابرين على البلاء أسوق لكم هذه القصة لما فيها من عبرة : قال ابن حبان نقلا عن عبد الله بن محمد: ( خرجت إلى ساحل البحر مرابطًا ، وكان رابطنا يومئذ عريش مصر. وأضاف قائلا : فلما انتهيت إلى الساحل فإذا أنا بخيمة  فيها رجل قد ذهبت يداه ورجلاه، وثقل سمعه وبصره، وما له من جارحة تنفعه إلا لسانه، وهو يقول: «اللهم أوزعني أن أحمدك حمدًا، أكافئ به شكر نعمتك التي أنعمت بها عليّ ، وفضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلاً»

 قال الأوزاعي: قال عبد الله: قلت: والله لآتين هذا الرجل، ولأسألنه أنّي له هذا الكلام، فهمٌ أم علمٌ أم إلهام ألهم؟ فأتيت الرجل فسلمت عليه، فقلت: سمعتك وأنت تقول: «اللهم.... تفضيلاً»، فأي نعمة من نعم الله عليك تحمده عليها، وأي فضيلة تفضل بها عليك تشكره عليها؟
قال: وما ترى ما صنع ربي؟! والله لو أرسل السماء علي نارًا فأحرقتني، وأمر الجبال فدمرتني، وأمر البحار فأغرقتني، وأمر الأرض فابتلعتني ، ما ازددت لربي إلا شكرًا، لما أنعم عليّ من لساني هذا، ولكن يا عبد الله إذ أتيتني، لي إليك حاجة، قد تراني على أي حالة أنا، أنا لست أقدر لنفسي على ضر ولا نفع، ولقد كان معي ابن لي يتعاهدني في وقت صلاتي، فيوضيني، وإذا جعت أطعمني، وإذا عطشت سقاني، ولقد فقدته منذ ثلاثة أيام، فتحسسه لي ... رحمك الله.


فقلت: والله ما مشى خلق في حاجة خلق، كان أعظم عند الله أجرًا ممن يمشي في حاجة مثلك، فمضيت في طلب الغلام، فما مضيت غير بعيد، حتى صرت بين كثبان الرمل، فإذا أنا بالغلام قد افترسه سبع وأكل لحمه، فاسترجعت وقلت له:

-       إن الغلام الذي أرسلتني في طلبه وجدته بين كثبان الرمل، وقد افترسه سبع فأكل

لحمه، فأعظم الله لك الأجر، وألهمك الصبر.
فقال الأب المبتلى: الحمد لله الذي لم يخلق من ذريتي خلقًا يعصيه، فيعذبه بالنار. ثم استرجع، وشهق شهقة فمات.

 فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، عظمت مصيبتي؛ رجل مثل هذا إن تركته أكلته السباع، وإن قعدت، لم أقدر له على ضر ولا نفع... فسجيته بشملة كانت عليّ، وقعدت عند رأسه باكيًا، فبينما أنا قاعد إذ دخل عليّ أربعة رجال، فقالوا: يا عبد الله، ما حالك؟ وما قصتك؟

   فقصصت عليهم قصتي وقصته، فقالوا لي: اكشف لنا عن وجهه، فعسى أن نعرفه. فكشف أحدهم  عن وجهه، فانكب عليه، يقبله ويقول : بأبي عينٌ طالما غضت عن محارم الله، وبأبي جسمٌ طالما كان ساجدًا لله والناس نيام.

 فقلت: من هذا يرحمكم الله؟

فقالوا: هذا أبو قلابة الجرمي، صاحب ابن عباس، لقد كان شديد الحب لله وللنبي.


      فغسلناه وكفنّاه بأثواب كانت معنا، وصلينا عليه ودفناه، فانصرف القوم وانصرفت إلى رباطي، فلما أن جن عليّ الليل، وضعت رأسي، فرأيته فيما يرى النائم في روضة من رياض الجنة، وعليه حلتان من حلل الجنة، وهو يتلو قوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(29) فقلت: ألست بصاحبي؟ قال: بلى، قلت: أني لك هذا؟ قال: إن لله درجات لا تنال إلا بالصبر على البلاء، والشكر عند الرخاء، مع خشية الله عز وجل في السر والعلانية).  (30)  ( نقلا عن مركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي)

 

فضائل الصبر:    

  للصبر فوائد جليلة عديدة لا تعد ولا تحصى ،أجملها فيما يأتي  :

1- الأجر العظيم من الله الكريم : فقد أعد الله لعباده الصابرين الثواب العظيم في الدنيا وفي الآخرة ، يقول تعالى: {وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}(31)  ويقول: {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب}(32)   ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أُعْطِي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر)(33)

    عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:  ) ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون . اللهم  أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرامنها - إلا أجره الله في مصيبته . وأخلف له خيرا منها " . قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخلف الله لي خيرا منه . رسول الله صلى الله عليه وسلم .)(34)

2 - تكفير الذنوب ؛ عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال: : (ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ ولا هَمّ ولا حَزَنٍ ولا أذى ولا غَمّ حتى الشوكة يُشَاكُها إلا كفَّر الله بها من خطاياه) (35)

    وعن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) (36). 

 3 -  النصر على الأعداء  ؛    وفي هذا المعنى قال الله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين }(37)  وكما هو واضح من الآية الكريمة فإن الله  سبحانه وتعالى يدافع عنهم وينصرهم على أعدائهم . وفي موضع آخر من الكتاب الكريم قال سبحانه وتعالى : { واصبر إن الله مع الصابرين}(38)  

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

إنّي رأيتُ وفي الأيامِ تجربةٌ        للصـبرِ عاقبـةٌ محمودةُ الأثـرِ

وقلّ من جدّ في أمرٍ يطالبُهُ        فاستصحبَ الصبرَ إلا فازَ بالظفرِ

 

    وفي نفس المعنى قال أحد الحكماء:( الصبر جواد لا يكبو ، وصارم لا ينبو ، وحصن حصين ، ودرع متين .)

  4 -  دخول الجنة : والصبر عاقبته الجنة ؛  قال تعالى مشيرا للصابرين : { أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ، ويلقون فيها تحية وسلاما . }(39)

  وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة )(40)
      وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يقول الله سبحانه : ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة )(41)  

  وقال أبو طالب المكي: "اعلم أن الصبر سبب دخول الجنة، وسبب النجاة من النار لأنه جاء في الخبر : ( حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات)(42)  والمؤمن القوي  بإيمانه بحاجة ماسة  إلى الصبر على المكاره ليدخل الجنة، وإلى الصبر عن الشهوات لينجو من النار". ويضيف: ( اعلم أن كثرة معاصي العباد في شيئين: قلة الصبر عما يحبون، وقلة الصبر على مايكرهون. )

      وقد سجل الحكماء العرب العديد من محاسن الصبر بأمثالهم فقالوا: ( الصبر مفتاح الفرج ) ، و( من صبر ظفر ) ، و( من صبر وتأنى نال ما تمنى )

 

                                              

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz