مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

المراهقون .. كيف نوجههم ؟

    تلعب فترة المراهقة دورا بارزا وهاما في توجه الطالب وتحديد معالم شخصيته , فإن التيارات العاطفية التي تعصف به خلال الفترة المعقدة من حياته قد تجعل منه إنسانا عظيما مؤثرا إن أحسن توجيهه , وقد تهوى به إلى مجاهل الخوف والتوتر والتردد إن أهمل أو أسيء التعامل معه , ومن هنا تبرز أهمية كون الوالدين والمربين على دراية تامة بكافة المؤثرات والتطورات السريعة التي تلم بحياة أبنائهم خلال هذه الفترة , وما يصاحبها من انفعالات , وما تتطلبه من حاجات , وذلك لكي يحسنوا توجيههم الوجهة المناسبة التي تكفل لهم نموا سويا ومتزنا .

    والمراهقة _ كما هو معروف _ لفظ يطلق على الفترة التي ينتقل بها الفرد من الطفولة المتأخرة إلى النضج وتمتد غالبا عشر سنوات بعد سن الحادية عشرة , وعليه فإن جميع طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية ومعظم طلاب المرحلة الجامعية , وبعض طلاب المرحلة الابتدائية من المراهقين , الأمر الذي يتطلب كون جميع المعلمين وأولياء الأمور على دراية تامة بتفاصيل التغيرات العضوية التي تحدث في جسم الفتى أو الفتاة , وذلك لأن هذه التغيرات ينبثق عنها أنماط سلوكية متنوعة , وهم مطالبون بفهم هذه الأنماط السلوكية لكي يحسنوا التصرف إزاءها وتوجيه أبنائهم الوجهة التربوية السليمة .

  ولعل ازدياد نشاط الغدد في جسم المراهق من أبرز التغيرات التي ينعكس تأثيرها على نشاطه التعليمي ؛ فالغدد تفرز الهرمونات في الدم , وهذه لها علاقة وطيدة ببناء البروتوبلازما التي تقوم بتوفير الطاقة اللازمة لنشاطات الإنسان , كما أن للهرمونات تأثيرا كبيرا على التطور الذهني والانفعالي عند التلميذ ؛ فقد أثبتت البحوث والدراسات التي أجريت في هذا الصدد أن الهيرمونات تلعب دورا ملموسا وهاما في عمليات التعلم خصوصا أثناء فترة المراهقة , فإذا كان المعلم على علم بفعاليات الغدة النخامية _مثلا _ ولاحظ أن التلميذ سريع الانفعال أو عصبي المزاج يثور لأتفه الأسباب , أو لاحظ منه ميلا للعزلة أو رغبة في النوم خلال ساعات الدوام المدرسي فإنه سيتخذ الإجراءات الكفيلة بتدارك الخلل قبل استفحاله .

  هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى فقد ثبت أن اضطراب الغدة الدرقية يؤدي إلى اضطراب في عمليات الأيض الأمر الذي يؤثر على الذكاء تأثيرا مباشرا ويؤدي إلى ضعف في القدرات العقلية عند المراهق , الأمر الذي ينعكس سلبيا على مقدرة التلميذ التعلمية .

ومن أبرز الانماط السلوكية المشار إليها آنفا والتي تتطلب منا أن نكون على علم بها ما يلي :

1-  يزداد لدى المراهق حب الاستطلاع الأمر الذي يحتم علينا أن نكون على أتم الاستعداد لتلبية حاجاته في هذا المجال فنضع بين يديه الأجوبة السليمة للأسئلة التي تشغل ذهنه حتى لا يستقيها من موارد أخرى فاسدة أو ملوثة قد تؤدي به إلى الانحراف .

2-  وفي هذه المرحلة يصبح المراهق حساسا للنقد , فإن لم نلزم جانب الحذر أثناء توجيه الانتقادات إليه , فإن من شأن ذلك أن يجعل منه إنسانا انعزاليا منطويا على نفسه , ويولد لديه شعورا بالخوف من الناس .

3-  وبناء على القيم التي اكتسبها المراهق من خلال حبه للاستطلاع يصبح لديه ميل للتعبير عن آرائه الخاصة في القضايا التي تحيط به , وعلى الرغم من أن معظم هذه الآراء غير ناضجة , إلا أن من حقه علينا أن نستمع له وأن نقدر وجهة نظره ونترك له حرية المقارنة بين وجهتي النظر ليختار الوجهة السليمة ففي ذلك تدريب له على إبداء الرأي وتحقيق الذات .

4-  وكرد فعل للقلق الذي يشعر به المراهق بسبب ما يعتمل في نفسه من انفعالات فإنه يصبح ميالا للتعبد ,وتقوى النزعة الدينية لدية , ويغدو مهيأ لدراسة التعاليم الدينية وتقبلها , لذلك فإن على أولياء الأمور أن ينتهزوا هذه الظاهرة , فيساعدوا المراهق على التفقه في دينه , والتدرب على القيام بشعائره , الأمر الذي يوجد لديه مسحة من الهدوء والطمأنينة .

5-  وخلال هذه المرحلة تتبلور لدى الطالب الميول والاستعدادات التي يجب دراستها من أجل توجيه كل طالب إلى الميدان الذي يلائم طموحه وتطلعاته ليتحقق له النجاح ولتتم له السعادة .

6-   وفي هذه الفترة كذلك يصبح الطالب ميالا لتقليد المشهورين من الإعلام في الرياضة والأدب والفنون , ولهذا يجب تنمية حب الاطلاع على سيرهم الذاتية , وقراءة أعمالهم المنشورة , لأن في ذلك تغذية لميوله وتشجيعه على أن ينهج نهجهم ويحذو حذوهم .

    ولعل الباحث يستطيع أن يلاحظ بسهولة ويسر أن معظم مشكلات المراهقين وليدة العصر الحديث , إذ أن هذه الفئة من الشباب كانت في الماضي تنتظم في صفوف المجتمع بسرعة وسهولة دون أن يظهر أثناء هذا الانتظام شيء من سوء التكيف فيتزوج الفتى _أو الفتاة في سن الرابعة عشرة _ ويتحمل مسؤولياته في بناء أسرته وتوفير احتياجاتها , وانطلاقا من شعور الآباء بالمسؤولية تجاه أبنائهم في هذه المرحلة , فإنهم يحاولون قيادتهم وبسط نفوذهم عليهم الأمر الذي يؤدي بالأبناء إلى التمرد والثورة , رغبة منهم في التحرر من سلطة هؤلاء  الذين يريدون الحد من انطلاقهم . لذلك يتوجب على الآباء والمعلمين أن يدركوا بأن المراهق لم يعد طفلا , وأنه من المفيد جدا لنموه الانفعالي أن نهيئ له الفرص , وأن نطلق له العنان لكي يتحمل مسؤولياته إذا رأينا بأنه يسير في الاتجاه الصحيح , أما إذا بدر منه تصرفات غير متزنة فلا بأس في أن نلقي أمامه بشيء من التوجيهات والإيحاءات غير المباشرة التي من شأنها أن تعدل مساره دون تدخل مباشر يمكن أن يفسد علينا خططنا الرامية لمساعدته والأخذ بيده .

  وحيث إن المراهقين بحاجة ماسة لتنمية عضلاتهم , وتقوية أعصابهم فإنهم بحاجة لكميات كافية ومتنوعة من الأغذية الغنية بكافة العناصر التي يتطلبها الجسم البشري مع ملاحظة أن المراهق السوي يكون نهما ويلتهم الطعام عدة مرات في اليوم . وفوق ذلك هم بحاجة إلى أن نوفر لكل واحد منهم ما يناسبه منها كما أنهم بحاجة لقسط وافر من النوم , ولا شك بأننا نحقق لهم مكسبا عظيما لو أقنعناهم بالذهاب إلى الفراش مبكرا .

  أما عن حاجة المراهقين للنمو العاطفي والانفعالي فإنه من المفيد في هذا المقام أن ندرك طبيعة المراهق الحالمة بمستقبل أفضل , وفي هذا المجال يبرز دور المعلمين والوالدين ليقوموا بتوجيهه إلى الوجهة المناسبة التي يرون بأنه يصلح لها انطلاقا من رغبته , فيقوم المعلم أو الأب بعرض آرائه ونصائحه في الوقت الذي يشعر فيه بأن المراهق على استعداد لأن يسمع وأن يقتنع .

  أيضا يتوق المراهقون إلى الاجتماع بأصدقائهم لذلك ينبغي أن نيسّر لهم تحقيق هذا الهدف بإفساح المجال أمامهم لاستضافة أصدقائهم في البيت , وتشجيعهم على تقديم واجب الضيافة المناسبة , وهنا يخطئ كثير من أولياء الأمور إذ يحولون دون تحقيق أبنائهم لهذه الرغبة ،الأمر الذي يترتب عليه مخالفتهم للأوامر واجتماعهم بأصدقائهم خارج البيت في أماكن قد يكون تواجدهم فيها مضرا بهم .

  بقي أن نشير إلى أن كثيرا من المعلمين وأولياء الأمور يحملون هذه الفترة أكثر مما تحتمل , فهم يظنون بأنها حافلة بالمشاكل , الأمر الذي يتطلب منهم جهدا شاقا لتجنيب فلذات أكبادهم سوء المنقلب , وليس هذا التصور صحيحا وهو يجانب الحقيقة في كثير من جوانبه , كما أن هذه القضية تعتبر في نظر كثير من الناس _ خصوصا المتدينين منهم _ مجرد وهم باطل لا وجود له .

  غير أن ما نرمي إليه من وراء إثارتنا لهذه القضية هو لفت النظار إلى أن الفتى _ أو الفتاة _ يكون في هذه الفترة الحرجة من حياته سريع الاستجابة للتوجيهات التربوية المدروسة بعناية , خصوصا غير المباشرة منها , وهو فعلا بحاجة ماسة للترشيد , لأنه يكون قد بدأ في تكوين ذاته المستقلة , وهو جاد في البحث عن شخصية بارزة توافق ميوله ورغباته في محاولة منه لتقليدها والمسير على منوالها , فلو أنه وجد بين يديه _ مثلا _ مجموعة قصصية مستهترة , أو رواية تدور أحداثها حول مغامرات اللص الظريف آرسين لوبين فإنه _ ربما _ يحذو حذوه ويصبح آرسين لوبين آخر , لأن هذا الأخير قد استطاع أن يلفت الأنظار إليه _ والمراهق يتطلع لمثل هذه الغابة بشغف .

 أما لو أنه وجد بين يديه قصصا تدور حول شخصيات بعض الأبطال الفاتحين , أو المفكرين العظام الذين تركوا بصماتهم على سجل التجارب الإنسانية فإنه قد يميل نحوهم في محاولة منه لتقليدهم . ومن هنا يبرز دور المعلمين وأولياء الأمور في توجيه الأبناء وذلك من خلال تمكينهم من قصص الأبطال وحجب حكايات المنحرفين وكتب الأدب الرخيص عن أنظارهم .

 وقد يتخطى بعض النجباء مرحلة المراهقة دون أن يأبهوا بها إذا وجهوا إلى عظائم الأمور وما محمد بن القاسم وأسامة بن زيد منا بمجهولين , فقد استطاعا أن يقودا الجيوش الفاتحة ولم يتجاوز الثامنة عشرة , بينما قد يتجاوز البعض الآخر الربعين من عمره , وهو _ ما يزال مراهقا _ يتخبط في متاهات الحياة .

 
Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz