مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

البيئة المنزلية ....هل تلعب دورا في تهذيب سلوك الأطفال ؟

محمود طافش الشقيرات

  تلعب البيئة المنزلية دورا كبيرا في تحديد الأنماط السلوكية التي تتكون  لدى الأطفال فقد أثبتت البحث والدراسات التربوية التي أجريت لمعرفة الآثار التي تترتب على وجود طفل ما في وسط اجتماعي ما , أن للبيئة دورا عظيما في تكوين ميوله , وتحديد اتجاهاته ولهذا السبب فقد وضعت التربية الحديثة في مقدمة أهدافها إيجاد بيئة صالحة ينهل من معينها الأطفال معاني الخير والجمال فيشبون جنود للحق يذودون عن حياض الفضيلة , ويرفعون راية العدل والمحبة والسلام .

  ولما كان للبيئة كل هذا الدور العظيم في تنشئة الجيل فإنه يحق لنا أن نتساءل عن الأسلوب الأمثل لتوفير هذا المناخ التربوي الخصب , لكي تترعرع فيه براعم مستقبلنا ويتمرس في ميادينه صناع نهضتنا .. فكيف نتعدهم في البيت ؟ وكيف نرعاهم في الطريق ؟ وعلام ندربهم في المدرسة ؟

 وحيث أنه من المستحيل , أن ننقل الرضيع من مهده ليشب في البيئة الصالحة التي توجدها السلطة التعليمية , قبل أن يشتد عوده ويغدو صالحا لدخول المدرسة , فإن المسؤولية الأولى عن إعداده الإعداد الأمثل , وتهيئه التهيئة الصالحة تقع على عاتق والديه , فيتعهدانه بالرعاية والتوجيه خلال فترة إعداده الأولى . ولعل أكثر الأهداف أهمية وإلحاحا , ذلك الهدف المتمثل في تعويد الطفل على الطاعة منذ نعومة أظفاره , فيستجيب ويتمثل للتوجيهات والإرشادات المدروسة عن قناعة ورضا دون قسر أو إكراه .

    ولعله من المفيد والمناسب هنا , أن نتوقف قليلا لنلفت الانتباه إلى المحاذير والمخاطر التي قد تترتب على استخدام العنف في جعل الطفل ينحني مطيعا دون فهم الأسباب . ذلك لأن العنف يسلب النفس الغضة سمة عزيزة وغالية وهي الثقة . ويورثها ضعفا وعدم قدرة على تحمل المسؤولية ،  فإن سقط الصغير في هذه الوهدة وأصيب في نفسه فقد يكون من الصعب عليه ان يصلح لشيء مهم بعد ذلك أبدا .

 ولسنا بحاجة للتأكيد هنا على أن الطفل مادة لينة يسهل التعامل معها , وما يلزمنا فقط , من أجل أن نحسن تشكيلها , هو قليل من الفهم لطبيعتها البريئة . ولا اعتقد أن اهتمامات الأطفال تسمو كثيرا فوق الميل إلى اللعب , فإذا أردنا أن نستوعب عصيانهم , فما علينا إلا أن نتفهم هذه الحقيقة بعمق ثم نحسن التعامل معها .

 ولكي نوضح هذه المسألة أمام الآباء والأمهات , فإنا نضرب المثل التالي : لنفرض أنك رأيت طفلا من أبنائك يلعب بأداة حادة , وأردت أن تبعدها عنه خشية أن تصيبه بأذى , فماذا أنت فاعل ؟ أنك قد تعمد إليه وتنتزعها منه بعنف أو قد تأمره أن يلقيها جانبا بغلظة , ولا شك أن التوفيق قد جانبك في كلا التصرفين لأنك ببساطة  لم تراع طبيعة الأطفال الشغوفة باللعب , وأنت بتصرفك لم تضع حلا جذريا للقضية , فإن الطفل لا شك سيغافلك وسيعود للعب بالأداة من جديد . إن الحل الأمثل الذي نقترحه عليك , هو أن تعد للأمر عدته , وهذه العدة لا تزيد عن بعض الألعاب التربوية التي لن ترهق ميزانيتك , وهي متنوعة ومتوفرة في الأسواق على نطاق واسع , ومعظم الألعاب في هذه الأيام صممت لتخدم أغراضا تربوية .

 نعود للقضية من جديد , فأنت لاحظت ولدك , وفلذة كبدك يلعب بالسكين وترغب في حمايته من أذاها . ما عليك في هذه الحالة , إلا أن تظهر أمامه لعبة أخرى أكثر جاذبية , تثير فيها انتباهه , وستجد أن الطفل قد تخلى عن السكين بمحض إرادته , واقبل على الهدف التربوي الذي حددته له .

 وإن كان الأب أو الأم على شيء من الثقافة التربوية , فإنه يستطيع أن يواصل تعزيز الاختيار الجديد لدى ولده , فيسأله مثلا : أيهما أحب لديك , اللعب بالسكين التي قد تجرح يدك , أم بالكمبيوتر الذي يوسع دماغك ويصنع منك رجلا عظيما ؟

بمثل هذا الأسلوب نتعامل مع الأطفال ..

  كذلك فإن على الأب أو الأم أن يتذكر دائما بأنه أمام طفل تفكيره محدود وخبراته في الحياة كذلك محدودة , فإذا أراد أن يطاع فليطالبه بالمستطاع , ودون أن يرهقه بالأوامر والنواهي المتكررة التي تفوق حد احتماله كطفل , وتضعف إرادته .

 

   ومن المفيد جدا أن يستمع الوالدان لأطفالهما باهتمام , ودون الاستهانة بوجهات نظرهم , حتى ولو كانت خطأ بينا , ثم يحاولون إقناعهم بهدوء ودون إثارة بوجهة النظر السليمة , وبأسلوب لا يتحدى مقدرتهم على الاستيعاب الأمر الذي يعزز وينمي قوة الإرادة لديهم .

    إن العمل على إشباع رغبات الأطفال , أمر مشروع ومطلوب , على أن يتم هذا الأمر بحذر , ووفق معايير تربوية مدروسة دون إفراط أو تفريط , ودون أن نسمح للمزاجية أن تستبد بتفكيرهم , الأمر الذي يكفل لهم الصحة النفسية ويضمن لهم السعادة في مستقبل أيامهم .

اترك الطفل يلعب بما يشاء وكيفما يشاء , ولكن بعد أن توفر له الوسائل المفيدة وتجنبه كل ما من شأنه أن يلحق به الأذى .

 

 وقد اقتضت طبيعة الطفل أن يكون كثير الحركة , محبا للانتقال من مكان إلى آخر وهذه الحركة ذات فائدة كبيرة لنمو الطفل الجسمي والعقلي , غير أنها قد تسبب إزعاجا لأهل البيت الذين يجهلون أثرها الفعال , على جسم الطفل ونفسه , فيعمدون لزجره بعنف , والسنتهم تلج بالأمر المعهود : اهدأ يا ولد .

 وما دروا أن الهدوء ضد طبيعته , فإن أرادوا له ذلك فليشغلوه بشيء مدروس من شانه أن يساعده على النمو الجسدي والوجداني .

 ومن السمات الأساسية المميزة لطبيعة الطفل كذلك , كثرة الكلام والاستفهام وهذه السمة من شأنها أن تساعد على نمو عقله الصغير , إذا وجد أبا مثقفا أو أما متفتحة , تستمع لأسئلته باهتمام , وتجيب عليها بوعي مهما كانت هذه الأسئلة ساذجة أو غريبة .. وليحذر الآباء والأمهات من مخاطر المراوغة في الإجابة , ظنا منهم بأن الصغير سيقنع بالجواب الخاطئ .. فإن الإجابة على أسئلة الطفل الكثيرة بأسلوب يناسب مستواه , تكون ذات قيمة كبيرة , لأنها تزيد حصيلته المعرفية المتواضعة من جهة , وتوسع مداركه , وتجعله ميالا للبحث محبا للمعرفة من جهة أخرى .

 فلنحرص إذن على الاستماع لأسئلة أطفالنا بشغف واهتمام , ولنجنب عليها بوعي وحذر .

 والطفل ميال بغريزته للحركة واللعب , وقد استغلت بعض المدارس التربوية الحديثة هذه الظاهرة , فوضعت برامج لتعليم الصغار عن طريق اللعب وما أمر الباحثة التربوية الدكتورة منتسوري عنك بمجهول , أضف إلى ذلك أن كثيرا من الدراسات التربوية قد أثبتت أن اللعب في الصغر يؤثر على نجاح المرء في الكبر .

 أيضا , هناك غريزة أخرى , ذات أهمية كبرى في مجال التربية , حباها الله للأطفال , تلك هي غريزة التقليد , فالطفل يحاول تقليد أبيه في كل شيء , وكذلك البنت , فإنها تحذو حذو أمها في كل شأن من شؤون حياتها , لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يراقب الوالدان كل ما يند عنهما من تصرفات , فأنت تستطيع أن تصنع من طفلك مخلوقا مثاليا إذا , راقبت ألفاظك وإشاداتك وحركاتك .. فأنت قدوة مثلى بالنسبة له .

 وهو يقلدك في كل شيء فإذا انحرف عن جادة الصواب فلا تلمه , ولم نفسك .. لأنك فعلا تتحمل المسؤولية كاملة , إما بغيابك عنه , أو بإهمالك له , أو لأنك أنت نفسك مارست الانحراف , فسار ابنك على دربك .

·        نشر في جريدة الرأي الأردنية يوم 28كانون أول 2010م

 
Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz