الغش في الاختبارات أسبابه وطرق علاجه

محمود طافش

يبني المعلمون الاختبارات لتحقيق أهداف تربوية هامة من أبرزها : قياس تحصيل التلاميذ وبيان مدى تقدمهم ، وتشخيص مواضع الضعف لديهم لتخليصهم منه، مما يعود بالنفع عليهم ، غير أن بعض التلاميذ يحرمون أنفسهم من هذه الفوائد باللجوء إلى الغش ، وبالتالي يحصلون على نتائج مضللة وغير صادقة ، مما يترتب عليه تكريس الضعف لديهم ورسوبهم . فما المقصود بالغش ؟ وما هي أسبابه وطرق علاجه ؟

يرى الأستاذ الدكتور محمد زياد حمدان (1986) أن الغش : " سلوك غير خُلقي ، ينم عن شخصية غير آمنة أو غير سوية ، وغير مؤهلة للقيام بالمسؤوليات الأسرية والاجتماعية المتوقعة من صاحبها في الحياة العادية الرائدة . والغش نوع من الكذب والسرقة والتلون ، وهذه الصفات معاً هي مؤشر للجبن والعجز والتواكل ، والتي تعبّر بالتالي عن شخصية متدنية في مواصفاتها الإدراكية والخلقية والاجتماعية، غير قادرة عموماً على الموازنة والحكم بين الخير والشر " .

مظاهر غش التلميذ :

ينمو سلوك الغش عند التلميذ كالآتي :

1. ينشغل عن القيام بواجبه البيتي باللعب أو بأشياء أخرى ، فيخشى العقاب فيعمد إلى نقل هذا الواجب عن دفتر زميله دون فهم .

2.   يقوم بحل الواجب منقوصاً من الوسط إذا كان الواجب كثيراً ، وكان يعرف أن المعلم لا يقرأه كاملاً .

3.   النظر بطرف عينه إلى ورقة زميله الجالس أمامه أو إلى جانبه .

4.   وضع إجابات الأسئلة المتوقعة على أوراق صغيرة يوزعها في جيوبه ؛ لينقل منها عند الحاجة إليها .

5.   فتح الكتاب داخل الدرج ومحاولة النقل عنه .

6.   الاستعانة بالهاتف الخلوي ليسمع الإجابة من زميل له خارج قاعة الاختبار .

7.   الاستعانة بزميل له خارج الغرفة ليلقي إليه المعلومات بورقة .

8.   وقد يطلب الطفل الخروج الاضطراري لدورة المياه بهدف الاطلاع على الإجابة هناك .

العوامل المساعدة على الغش :

       الغش سلوك غير موروث ، لكن الطفل يكتسب هذه العادة الذميمة من البيئة التي يتربى فيها ، سواء أكانت هذه البيئة منزلية أو مدرسية . والمدرسة تعمل على إحداث تغيير إيجابي لتطوير شخصية الطفل من جميع جوانبها الإدراكية والوجدانية والحركية والاجتماعية ، إضافة إلى دور آخر تنهض به وهو تحديد مواضع الضعف لتذليلها ومواضع الانحراف لتصحيحها. ومن أبرز العوامل التي تغري التلميذ بممارسة الغش ما يأتي :

أ ـ ظروف الطفل الخاصة ، وتتمثل في : صحة الطفل من حيث السلامة والاعتلال،

أصدقاؤه في الحارة وفي المدرسة ، طبيعة العلاقة بين والديه .

ب ـ الظروف الأسرية ، والمتمثلة في الحالة الاقتصادية ، العلاقات بين الوالدين من حيث التوافق أو الاضطراب ، مساحة البيت من حيث الضيق أو الاتساع .

ج ـ السمات الشخصية للطفل ، من حيث القلق أو الثقة بالنفس ، والطموح ، والقدرة على التوافق مع المتغيرات البيئية ، المشاركة الإيجابية أو السلبية والانطواء على النفس ، فإذا كانت هذه السمات ضعيفة لدى التلميذ فإن النتائج التي تترتب عليها هي : (حمدان 1986) تشتت الانتباه ، وعدم القدرة على التركيز ، تدني القدرة على التمييز بين الصح والخطأ، ضعف القدرة على الاختيار السليم ، اختيار الغش كوسيلة للتحصيل الدراسي، الأداء الزائف للتحصيل الدراسي ، وبالتالي النمو غير المؤهل لشخصية الطفل .

د ـ مدى القدرة على المذاكرة ، وفهم المادة الدراسية ، ثم حل الواجبات البيتية ، وهذه المهارة تتأثر بمجموعة من العوامل أهمها : قدرته على القراءة ، قدرته على المثابرة ، حبه لمعلمه ، توافقه مع أقرانه ، ميله للمادة الدراسية واقتناعه بها ، فإذا لم تتوفر لديه هذه العوامل فإن الطفل سيعزف عن التحصيل ، وبالتالي فإنه سيفشل في الاختبار ، ولخوفه من العقاب فإنه قد يلجأ إلى الغش في الاختبار ، أو التسرب من المدرسة .

أسباب الغش :

       لكي نتوصل إلى استئصال هذا السلوك الذميم ، لابد من تحديد أسبابه ، لكي تستطيع تحديد العلاج الملائم له . ومن الأسباب التي قد تدفع التلميذ إلى الغش ما يأتي:

أ ـ ضعف قابلية التلميذ للتعلم .

ب ـ ضعف التلميذ في المادة الدراسية التي سيمتحن بها .

ج ـ عدم قدرة التلميذ على القراءة وبالتالي عدم فهمه للمادة الدراسية .

د ـ صعوبة الاختبار .

هـ ـ ضعف التركيز بسبب مشاكل خاصة تعتري المراهق أحياناً أو عائلية متمثلة في اضطراب العلاقات بين الوالدين .

و ـ عدم وجود مكان ملائم للمذاكرة ؛ بسبب ضيق المنزل أو كثرة الأشقاء .

ز ـ ميل الطفل المفرط للعب واللهو .

ح ـ عدم الاستعداد الكافي للاختبار .

ي ـ عدم تنظيم الوقت بجدول دراسي ملائم .

ك ـ صعوبة المادة الدراسية وعدم ملائمتها لقدرة الطفل على الاستيعاب .

ل ـ اقتداء الطفل بأحد أفراد أسرته إن رآه يسرق أو يغش .

م ـ كثرة المادة الدراسية أو كثرة الواجبات البيتية .

أساليب العلاج :

       إن السبب المباشر لإقدام الطفل على الغش هو ضعف تحصيله المعرفي ، ولعل العامل الرئيس الذي يساعد على القضاء على ظاهرة الغش هو تغيير الوسط الذي يتواجد فيه الغشاش . وذلك لتحقيق التوافق بين العادات التي يحصل عليه الطفل من البيت والحارة ، وتلك التي تربى عليها في المدرسة إضافة إلى بذل مزيد من الجهد لتحسين تعلمه .

وفيما يلي مجموعة من المقترحات التي تساعد الطفل على نبذ عادة الغش في الاختبارات :

ـ تشخيص مظاهر  الضعف عند التلميذ لتخليصه منه ، وتحسين قدرته على التحصيل الدراسي أولاً بأول .

ـ تواصل المدرسة مع الأسرة لتبصيرها بطرائق تحسين قدرة الطفل على المذاكرة .

ـ تحسين أداء المعلمين لتحسين تعلم الطلبة .

ـ تحديد معوقات التعلم السليم عند الطفل ، والتعامل معها لتذليلها بهدف تحسين قدرته على التحصيل .

ـ اجتناب الأساليب الصارمة في التعامل مع ضعف الطفل التحصيلي ، واعتماد بدلاً منها أساليب التعزيز كالإشادة بكل تقدم يحصل في دراسته .

ـ الاعتدال بالواجبات البيتية ، وعدم إرهاق الطفل بكثرتها ، ويكون ذلك بتعاون المعلمين على وضع خطة أسبوعية موحدة للواجبات المنزلية .

ـ مساعدة الأسرة للمدرسة في تخليص الطفل من ضعفه ؛ إما بطريقة مباشرة أو بالاستعانة بمعلم مختص .

فإذا تم تخليص الطفل من ضعفه ، وتوجيهه إلى السلوك الحميد ، فإنه غالباً سيتخلى عن عادة الغش ، وسيحاول الاعتماد على نفسه في كل الاختبارات .  

Sawahry @ hotmail .com

www.tafesh.5u.com