أهمية العناية بالنمو العقلي للطفل

د. محمود طافش الشقيرات

   تهتم معظم الأسر بالنمو الجسدي لأطفالها ؛ فتعمل قدر استطاعتها على توفير الأغذية التي تعمل على تحقيق هذا النمو ، وتكون هذه الرعاية غالبا تلقائية ؛ إذ إن الأطفال يأكلون ويشربون ويلعبون فتنمو أجسادهم بمرور الأيام  . لكن ما أهمية أن تتعاون الأسرة مع المدرسة على تنمية الطفل عقليا ؟ وما هي العوامل والخطوات التي تساعد على ذلك ؟  

    تفيد العديد من الدراسات التي أُجريت حول هذه المسألة أن  الجينات الوراثية ومستوى تعليم الوالدين من العوامل المهمة التي تساعد على ولادة طفل يتمتع بدرجة عالية من الذكاء ، وأما بعد الولادة فإن من أبرز العوامل التي تعمل على تنمية عقل الطفل:

-       الوفاق الأسري وعواطف الحب والحنان والانتماء للأسرة تساعد على تربية طفل معافى وجدانيا ؛ مما يؤهله لتعلم أفضل .

-   دخل الأسرة ومستواها الاقتصادي ، فإن التغذية المتوازنة تساعد على بناء خلايا الدماغ وتمكن الطفل من النمو العقلي السريع ، كذلك إن كان هذا الدخل كافيا فإن الظروف المتاحة تساعد على تنمية عقل الطفل من خلال قدرة الأسرة على شراء وسائل تعليمية كالألعاب التربوية والقصص ، إضافية إلى أن إلأسر الموسرة تشارك عادة في نواد اجتماعية ثقافية ورياضية  .

-       الوسط الاجتماعي أو بيئة التعلم التي يتواجد فيها الطفل ؛ فكلما كانت هذه البيئة غنية بالعوامل المثيرة والوسائل التعليمية والألعاب التربوية كان نمو عقل الطفل أسرع .

-       الحوافز المعنوية المتمثلة في المدح والتشجيع ، والمعززات المادية كالهدايا .

-   عدم فرض الوصاية على الطفل ، وإتاحة الفرص له ليعتمد على نفسه فيتصرف باستقلالية ؛ مع مراقبته عن بعد ؛ فإن من شأن ذلك أن يساعد على سرعة نموه العقلي  .

-   المعاملة الهادئة المتوازنة التي تعتمد على الحوار والإقناع ، والخالية من كل مظاهر القسوة ؛ فإن من شأن ذلك ان يجنب الطفل حدوث مشكلات نفسية تعيق نموه العقلي كالخوف والقلق وغير ذلك .

-   عدم وجود تعارض بين الأساليب التربوية المتبعة في البيت والمدرسة ؛ فإن من شأن ذلك أن يجعل تعلم الطفل ثابتا ومتوازنا .

-       العمل على تثبيت التعلم بالواجبات الهادفة والمتنوعة وغير المملة .

-       عدد أفراد الأسرة  القليل ومستواها الاجتماعي المتقدم يساعد على زيادة تعلم الطفل .

-   تدريب الطفل على القراءة السليمة من شأنه أن يعمل على تنمية قاموسه اللغوي ؛ مما يساعده على التعبير عن أفكاره بسهوله ، فينمو تبعا لذلك فكره .

-   المراوحة بين إستراتيجيات التقويم وادواته ؛ حيث إن اختبارات الذكاء تكشف عن مدى نمو عقل الطفل ، وبالتالي عن مدى قدرته على تعلم جديد ، وأما الاختبارات التحصيلية فتفيد في تشخيص مواضع ضعف الطفل لتخليصه منها ، وفي تزويده بتغذية راجعة مناسبة .

-    حالة الطفل الصحية حيث إن العقل السليم في الجسم السليم ، وكذلك فإن الطفل المعافى يكون شغوفا باكتشاف الأشياء من حوله ، وهذا الاكتشاف يعمل على زيادة خلاياه الدماغية .

-       التواصل مع الأطفال الذين هم أكثر منه وعيا وأوسع تجربة ؛ فيأخذ عنهم ما لديهم من خبرات وعادات وعبارات .

-       الإجابة عن أسئلة الطفل الكثيرة بصبر وبحب وبأسلوب قريب لمداركه من شأنه أن يثري معلوماته وخبراته .

    ويقترح عالم النفس (برونر) نموذجا لتنمية عقل الطفل يمر في ثلاث خطوات متتالية هي :

1 – التمثيل العملي ؛ حيث يتعلم الطفل المفاهيم من خلال اللعب .

2 – التمثيل الصوري ؛ حيث يتعلم الطفل الأشياء من خلال رؤيتها ثم بمحاولة لمسها ورسمها .

3 – التمثيل الرمزي ؛ حيث يصبح الطفل قادرا على التعبير عن خبراته بكلمات .

   ويرى بياجيه أن النمو العقلي للطفل يمر في أربع مراحل هي :

1 – المرحلة الحسية الحركية ؛ حيث يتعامل الطفل مع الأشياء التي تطالها يداه ، فيحاول التعرف عليها وتفكيكها .

2 – مرحلة ما قبل العمليات ؛ فيستفيد الطفل من خبراته السابقة في التعامل مع المعلومات المستقبلية التي يواجهها .

3 – المرحلة المادية ، وفيها يستطيع الطفل المقارنة بين الأشياء المحسوسة والربط بين العناصر المتشابهة من حيث اللون أو الشكل وغير ذلك .

4 – المرحلة المجردة ، وفيها يتمكن الطفل من إدراك المفاهيم مثل العدالة والصدق والأمانة .

  وتتجه المدرسة الحديثة لتعليم الأطفال التفكير لتنمية قدراتهم العقلية من خلال محكات التفكير أوإستراتيجيات تدريسية محددة ، مثل الأسئلة السابرة وحل المشكلات والعصف الذهني غيرها ، وقد شاهدت خلال زياراتي المتكررة لبعض الصفوف الدراسية في العديد من المدارس في بلدنا ، والتي تُُوظف فيها إستراتيجيات تعليم التفكير ، فلمست استجابات من الأطفال مثير للإعجاب ؛ مما يبشر بخير وبمستقبل أكثر إشراقا .

sawahry@hotmail.com