أهمية الموسيقى للطفل

د. محمود طافش الشقيرات

   للموسيقى تأثير ملموس على النفس وعلى الأحاسيس البشرية ؛ حيث إنها تنقل الإنسان من حال إلى حال ، وتجعله أكثر صفاء وأقدر على الإنصات والفهم ؛ لذلك فقد كان اليونانيون القدامى يتيحون للجماهير فرصة الاستماع لمقطوعات موسيقية قبل البدء بالخطابة ، وذلك لقناعتهم بأن الموسيقى تهيء نفس المتلقي وتحفزه للإصغاء إلى ما يقوله الخطيب بكل جوارحه .

    والموسيقى الراقية يتم من خلالها التواصل بين العقل والروح لدى الإنسان ، وهي وسيلة اجتماعية وتربوية ذات مستوى رفيع ، وتنهض بدور ملموس في تنمية الحس ، وفي تحقيق التفاهم بين الناس المثقفين .

    ولا يقتصر تأثير الموسيقى على الإنسان وإنما يتعداه إلى النباتات فتنعشها ، وإلى الحيوانات فتجعلها أكثر انتاجا ؛ فقد ثبت أن الموسيقى تحفز البقرة على زيادة إدرار الحليب ، ومنذ أقدم العصور والرعاة يوظفون الناي أو ما شابهها لإثارة قابلية الأغنام للرعي .

   ومن هنا فقد بدأ التفكير في توظيف الموسيقى في تربية الطفل مذ يكون جنينا في رحم أمه ، وهناك العديد من المؤسسات الإجتماعية في العالم التي توظف الموسيقى  في تربية الجنين ، فعلى سبيل المثال فإن بلدية روما ما زالت تحرص حتى يومنا هذا على تنظيم حفلات موسيقة تحضرها النساء الحوامل بهدف الترويح للاستفادة من الموسيقى في التغيير الإيجابي من خلال الاستماع إلى مقطوعات موسيقية ذات مستوى عال .

  ويلاحظ الباحث التربوي المتخصص في تربية الطفل أن الأمهات ومنذ أقدم العصور يساعدن أطفالهن على النوم بترانيم ذات ألحان خاصة تجعل الطفل يهدأ لسماعها وما يلبث أن يستسلم لسبات عميق .

   وقد أشار الدكتور  إبراهيم عباس في بحث له حول أهميّة الموسيقى لتربية الطفل إلى أن الموسيقى الراقية تعمل على :

-      تنمية الادراك الحسى والقدرة على الملاحظة وعلى التنظيم المنطقى .

-  تنمية الذاكرة السمعية وزيادة القدرة على الابتكار ، إضافة الى مساهمتها في تسهيل تعلم وتلقى المواد الدراسية .
- تساعد على تنمية التوافق الحركى والعضلى فى النشاط الجسمانى ، وإلى تقوية مجموعة من المهارات الحركية ، وتنمية هذه الجوانب الجسمية من خلال أنشطة موسيقية متعددة

- تدريب الأذن على التمييز بين الاصوات المختلفة .

-   زيادة التذوق للموسيقى والاستمتاع بالغناء السامي .
   ومن الناحية الإنفعالية  فإن للموسيقى تأثيرا إيجابيا على شخصيّة الطفل وعلى قدرته على التحرر من التوتر والقلق ؛ فيصبح أكثر توازنا. و تستثير فيه انفعالات عديدة كالفرح والحزن والشجاعة والقوة والتعاطف وغيرها ، وهو ما يساهم فى إغناء عالمه بالمشاعر التى تزيد من إحساسه بانسانيته.
   وأما من الناحية الإجتماعية ؛ فإن التربية الموسيقية تساهم فى تنمية الجوانب الاجتماعية لدى الطفل ؛ حيث إن الغناء والالعاب الموسيقية تقوي ثقته بنفسه ؛ فيعبر عن أحاسيسه بلا خجل ، ويوطّد علاقته بأقرانه ، إضافة إلى إغناء الجانب الترفيهى فى حياته .

   ونظرا لأهمية الموسيقى في التربية فقد نصحت إحدى المؤسسات التربوية الألمانية بتوظيف الموسيقى لمساعدة المتعلمين على استذكار دروسهم من منطلق أن الموسيقى الهادئة  تعد أداة مثالية لمساعدة الأطفال على التذكر .

        ومن الفوائد الأخرى للموسيقى أنها :

-      تساعد على زيادة القدرات الذهنية لدى الطفل .

-      تساعد الموسيقى الهادئة على تنشيط المخ ، وعلى وجه الخصوص الجانب الأيمن منه .

-      تدرب الطفل على الانضباط وحسن الإصغاء .

-      تساعد الطفل على تحقيق التوازن الوجداني .

-      وتمكنه مع التعامل الهاديء مع الآخرين .

-      تجعله أكثر استمتاعا برؤية الأزهار والمناظر الجميلة .

    كما أن للموسيقى العديد من الفوائد العلاجية للصحة وللنفس معا؛ فقد أشارت دراسة قام بها عدد من الأطباء النفسيين إلى أن :

-      الموسيقى تساعد على توطيد العلاقة بين الطفل وأمه .

-      تساعد على تحسين قدرة الطفل على التركيز ، تثير قابليتة لمذاكرة المواد الدراسية .

-      تساعد على تحرر الطفل من القلق والتوتر .

-      تساعد على تحقيق التوافق الحركي أثناء النشاط الجسماني .

-      تدرب الطفل على التمييز بين الأصوات المختلفة .

-      تساعد على تنمية الإدراك الحسي والقدرة على الملاحظة .

-      تزيد قدرة الطفل على الإبداع والابتكار .

-      تساعد على زيادة إحساس الطفل بإنسانيته .

    ونظرا لكل هذه الفوائد فقد دعت دراسة متخصصة للمجلس العربي لرعاية الطفولة إلى الاهتمام بالموسيقى وتعليمها للأطفال .

   ولكي يتحقق الهدف التربوي من الموسيقى فإنه من المفيد أن يستشار الأطفال في نوعية المقطوعات التي يفضلون الاستماع إليها ، ومن الأهمية بمكان أن يقوم أولياء الأمور بإجراء اختبارات على أطفالهم لمعرفة أي أنواع الموسيقى يناسبهم ويؤثر في سلوكهم .

sawahry@hotmail .com