مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

خداع النفس لدى الأطفال ..أسبابه وطرق علاجه .

د. محمود طافش الشقيرات

   الخداع في اللغة هو التلون وعدم الثبات على رأي واحد لتحقيق غرض . وأما في علم النفس فهو أسلوب يلجأ إليه المرء غير القادر على مواجهة الصعوبات التي تواجهه ، سواء كان صغيرا أو كبيرا ؛ فيختلق حيلا نفسية لاشعورية للتغلب على مشكلته ، أو للتخلص من موقف صعب وجد نفسه فيه ، وذلك من أجل التزود بثقة نفسية ولو وهمية تساعده على الهروب من ذلك الموقف ،  وبصورة أوضح فإن خداع النفس هو محاولة لطمس الحقيقة أو تزييفها  بهدف تزيين الفشل ليبدو في صورة نجاح ؛ لتضليل النفس ودفعها للقبول بالأمر الواقع ؛ مما يجعلها تشعر براحة نفسية وهمية . لذلك فإنه يعد من أكثر أنواع الخداع سوءا .

   وهذا الموضوع بالنسبة للكبار عميق ومتشعب يمتد ليشمل مختلف حقول السسياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها، أما بالنسبة للصغار فإن خداع النفس غالبا ما يكون ناشئا عن ظروف البيئة وقلة خبراتهم بمشكلات الحياة ، وبأساليب التصدي لها ؛ فيلجأون إلى هذا الأسلوب لتقليل وطأتها على أنفسهم . فما هي الحيل التي يلجأ إليها الأطفال ؟ وكيف نساعد الطفل على مواجهة مشكلاته بدلا من اللجوء إلى هذا الأسلوب ؟

   إن الحيل التي يلجا إليها الأطفال عديدة ولا حصر لها ، لكن لعل من أكثرها تداولا في أذهان الصغار :

-   التبرير ؛ وهو اختلاق الطفل لعذر يبرر فيه إخفاقه في تحقيق ما يُطلب منه ؛ كأن يدّعي طفل فشل في امتحان ما أن الامتحان صعب أو أن المعلمة تتخذ منه موقفا عدائيا ، أو أنها تفضل زملاءه عليه . وهذه الأعذار الواهية تفيده في الحد من التوتر والقلق الذي يشعر به نتيجة لهذه السلوكيات ، وبالتالي يبعث في نفسه شيئا من الطمأنينة ، على الرغم من شعوره بأنه يكذب على نفسه ليوهمها بأن تصرفه سليم ، مع يقينه بأن الأمر ليس كذلك ، فإذا استمر في اللجوء إلى هذا الأسلوب ، فإنه قد لا يكون قادرا على مواجهة مشكلاته الحياتية في المستقبل .

-   التمارض ، ويلجأ الطفل إلى هذا الأسلوب من أجل الحصول على رعاية والديه وزيادة اهتمامهم به ، وفي نفس الوقت للتهرب من عمل جرى تكليفه بالقيام به . او للتهرب من الذهاب إلى المدرسة لأنه لم يستعد للامتحان ،أو لم يقم بعمل الواجب البيتي ، وهو بهذا يتصور أنه سيسلم من التأنيب ، او من العقاب الذي قد يتعرض له نتيجة لفشلة في الحصول على درجة جيدة . والجدير بالذكر أن المرض الذي يشعر به الطفل قد يكون في هذه الحالة حقيقيا ، لكن ليس له سبب عضوي ، وإنما منشأه نفسي يزول بزوال القلق المسبب .

-   أحلام اليقظة ، وهي من الحيل النفسية التي يلجأ إليها الطفل للهروب من واقعه الصعب ، فترتاح بها نفسه الخائفة ربما من زملائه الذين يهددونه ، فقد يتصور نفسه ملاكما أو مصارعا يشبعهم ضربا ولكما فينتصر عليهم ، أو أن يتخيل الطفل أنه قد نجح في تحقيق هدفه ، وفي التغلب على مشكلته ، فيشعر بسعادة ؛ لأنه استطاع أن إشباع المسببات النفسية ولو إلى حين .

-   التعويض ، وهو أن يبعد الطفل عن نفسه تهمة التسبب في الفشل الذي حصل ، وقد يكون للتعويض فائدة حقيقية ؛ إذ أن الطفل الذي فشل في مادة اللغة الإنجليزية مثلا ، قد يتفوق في مادة اللغة العربية ليعوض بذلك عن فشله .

-   الإسقاط ، وهو أن ينسب الطفل أخطاءه وصفاته المذمومة إلى غيره ، بحيث يبدو سلوكه مقبولا لنفسه ؛ كان يحسد زملاءه على النجاحات التي حققوها ، وفي نفس الوقت يدعي أن هؤلاء الزملاء هم الذين يغارون منه ويكرهونه ويتمنون له الفشل .

-   النكوص ، وهو ان يلجأ الطفل الذي فشل في حل مشكلته إلى واحد أو أكثر من الأساليب التي كان يلجأ إليها قديما ؛ كالبكاء أو التبوبل اللا إرادي أو ما شابه ذلك .

-   الكبت ، وهو أن يلجأ الطفل الذي لا يستطيع إيجاد حل لمشكلته إلى غض النظر عنها ، من باب دفن الرأس في الرمال ، معتبرا أن الوقت كفيل بتخليصه منها .

   وهذه الحيل بلا شك تثقل نفس الصغير ، وتسبب له قلقا وتوترا ، فكيف السبيل لتخليصه منها ؟

    ينشأ الخداع في معظم الأحيان بفعل الظروف المنزلية أو المدرسية التي ينشأ بها الطفل ، ولذلك يكون العلاج منصبا على سبب المنشأ ، ومن هنا فإن على الوالدين او المعلمين أن يبحثوا عن الدوافع الكامنة وراء لجوء الطفل  إلى خداع النفس ، وشرحها له ، ثم توجيهه بالاقناع إلى ضرورة الابتعاد عن هذا الأسلوب الرديء ، والبحث عن حل عملي للمشكلة التي تواجهه .

  ومن المهم أن يكون الوالدان والمعلمون قدوة صالحة لأبنائهم بحيث يتعلمون منهم كيف يواجهون صعوباتهم بجهودهم الذاتية ، وكيف يتقبلون الإخفاق بروح رياضية ، ومن ثم ندريبهم على تكرار المحاولة لحل المشكلة العارضة وتحقيق نتائج أفضل .

  كذلك فإن المعاملة الهادئة في البيت أو في غرفة الصف ، والخالية من مختلف أنواع التسلط والقسوة في المعاملة ، وإيجاد  جو مريح يتسم بالعطف وبالحب وبمختلف المشاعر الإنسانية النبيلة  كفيل بتخليص الطفل من هذه الآفة .

   كما أن تبصير الطفل بمواضع القوة والتميز في شخصيته والعمل على تعزيزها يلعب دورا مهما في تقوية ثقته بنفسه ؛ مما يساعده في مواجهة الظروف الطارئة بصبر  فلا يضطر لممارسة الخداع .

    ومن الأهمية بمكان تدريب الطفل على تقبل صروف الحياة ، ومحاولة التصدي لها ، والتغلب عليها وليس الهرب منها ، وعلى نقد الذات ، ومعرفة أخطائها وعيوبها ومحاولة إصلاحها ، ثم إقناع الطفل بأن كل إنسان معرض للخطأ ، وانه لا داعي للجوء إلى الحيلة لتبرير خطأ وقع  به .

  ولا ننسى أن تكون الأعمال التي نكلف الطفل بتنفيذها معقولة ومناسبة لقدراته ولعمره العقلي ، وأن لا نرهقه بالاستعجال لتنفيذ ما طلب منه ، وإنما نهبه الوقت الكافي لإنجاز المهمة التي نكلفه بها ؛ فيكون ذلك أدعى للنجاح في تحقيق الهدف،  وبالتالي لن يكون الطفل بحاجة إلى أن يلجا إلى الحيلة ، أو لممارسة  خداع النفس .

sawahry@hotmail.com

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz