مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

دور البيئة في تطوير شخصية الطفل

د. محمود طافش الشقيرات

    تهتم التربية الحديثة ببناء وتطوير شخصية الطفل منذ أن يكون جنينا في بطن أمه وحتى مرحلة النضج الكامل ، ومراحل تطور شخصية الطفل متلاحقة ومتكاملة ، وتتم معظم فصولها في مرحلة الطفولة المبكرة ، حيث تتعهده الأسرة بالرعاية لتجعل منه ، بالتعاون مع المؤسسات التعليمية ،  إنسانا متزنا واثقا قادرا على التعامل مع تغيرات الحياة بصورة شاملة ،  فكيف يتسنى للوالدين  أن ينهضا بهذه المهمة الدقيقة لتحقيق هذا الهدف السامي ؟

  باديء ذي بدء تأخذ الأم بملاحظة سلوك ابنها والحركات التي تصدر عنه ، وكيفية قيامه  بهذه الحركات من أجل أن تعمل على تقويمها وصقلها وتطويرها ، لكنها قبل أن تفعل تدرك أن مقدرة الطفل على القيام بعمل ما تعتمد على مدى نضج جهازه العصبي ؛ إذ إنه يستحيل تدريبه على القيام بأي عمل قبل ذلك . وان العوامل الوراثية والاجتماعية والاقتصادية تلعب دورا مهما في تشكيل شخصية الطفل ، وكذلك الحال بالنسبة للعديد من المؤثرات الأخرى مثل ؛ صحة الأم الحامل وتغذيتها وثقافتها ، والأمراض التي تتعرض لها ، والأدوية التي تتناولها أثناء الحمل ؛ فإن هذه العوامل لا يمكن غض الطرف عن تأثيراتها المستقبلية . ثم تأخذ بتدريب الطفل على القيام بأعمال سهلة كالجلوس والمشي ، أو بنطق كلمات بسيطة بصورة تدريجية ، فإن هو لم يحصل على هذا التدريب ابتداء من سن الثانية فإن قدرته على تنفبذ هذه الأعمال قد تتأخر .

   وهي تتواصل مع صغيرها بحب وحنان ؛ لأن الحرمان العاطفي ينشأ عنه تأخر الطفل في تعلم المهارات الأساسية اللازمة لمن هم في مثل عمره ، وهذا التأخر يلاحظ بوضوح لدى الأطفال الموضوعين في دور رعاية الأيتام ، حيث لا يجد الواحد منهم من يهتم بتدريبه على الجلوس أو المشي أو الكلام ؛ بسبب عدم توفرالعدد الكافي من المشرفات ، وبالتالي فإنهم يكونون متأخرين في نموهم الجسمي والعقلي والانفعالي والاجتماعي عن أقرانهم ، ومن هنا فقد جاء اهتمام البلدان المتقدمة بوضع الطفل اليتيم لدى أسرة بديلة بحيث يلقى اهتماما أكبر لتطوير مهاراته .

  وتلعب فرص التعليم التي يحظى بها الطفل من والديه دورا مهما في تشكل شخصيته ، وكلما كانت الامكانات متاحة أكثر كانت امكانية تطوير شخصيته أفضل . فإن إهمال الطفل وسوء المعاملة التي يلقاها من العوامل التي تسبب له تأخرا جسمسا وعقليا قد يتمخض عنه شخصية ضعيفة مهتزة .

   ويعد جهل بعض الأمهات وخوفهن من أن يصاب الطفل بأذى جراء محاولة تدريبه على الجلوس أو المشي عاملا مثبطا من شأنه أن يؤخر قدرته على اتقان هاتين المهارتين ؛ مما قد يؤدي إلى ضعف ثقته بنفسه .

    ويعتري الباحث التربوي شعور بالحزن وهو يشاهد أما تحرص على أن تطعم بيدها ابنها الذي تجاوز الرابعة  بحجة أنها لا تريد أن  تتسخ ملابسه وهو يأكل بيديه ، وقد تقوم بإلباس طفلها الذي تجاوز السادسة  ملابسه استعدادا لذهابه إلى المدرسة ليبدو بصورة جميلة ، فينشأ اتكاليا غير قادر على الاعتماد بعلى نفسه ، وهي لا تدرك أن من الأهمية بمكان أن يقوم الطفل بأعماله بنفسه  لينشأ معتمدا عليها واثقا بها ، ولا بأس أن تقوم هي بمراقبته لمساعدته إن أخطا ، ولكن دون فرض وصاية عليه .

  ومن الأهمية بمكان كذلك أن يظل جميع أفراد الأسرة  قدوة صالحة للطفل الصغير في كل ما يقومون به من أعمال ، وبما يتلفظون به من أقوال ؛ حيث إن لديه قدرة فائقة على التقليد وعلى تخزين كل ما يسمعه أو يراه ، فتتأثر الطفلة بأمها ويتأثر الطفل بأبيه سلبا أو إيجابا . ويكون التقليد مستحبا عندما يحصل الطفل منه على معلومة جديدة أو على خبرة نافعة ، لكن  ينبغي التنبه إلى أن تقليد الكبار في كل شيء ليس محمودا دائما ؛ إذ ينبغي أن يكون للطفل رأيه وقراره وشخصيته المستقلة .

   ومن المهم من أجل بناء شخصية سوية للطفل ملاحظة ما يأتي :

- عدم فرض رأينا عليه وإنما نحاوره ونناقشه فيما يخصه ، وأعطاؤه الفرصة الكاملة ليبدي رأيه فيما نكلفه به ، وذلك بصيغة الاستفهام وليس بالأمر ؛ كأن نقول له : هل تحب أن ترتدي هذا اللباس ، بدلا من أن نقول له : عليك أن ترتدي هذه الملابس.
- تخصيص وقت كاف للعب معه ، وتشجيعه على الحديث والعمل ،  وعلى إبداء الرأي ؛ فإن مثل هذا السلوك من شأنه ان يعزز اعتماده على نفسه ليعمل باستقلالية ، وهذا مما يساعد على نموه العقلي ويدفعه إلى التصرف بإيجابية .

- وفي سبيل تنمية قدرة الطفل على التفكير السليم فإنه من المفيد له إتاحة الفرصة له ليتعامل مع الصعوبات التي تواجهه والبحث عن حلول مناسبة لها ، مما يدربه على حرية التفكير وعلى العمل المستقل ؛ وهذا الإجراء يساعد على تنمية عقله ، مع ملاحظة أن نجاح الطفل في حياته لا يتوقف على ذكائه العقلي فقط ، وإنما يتطلب الأمر تنمية الذكاءات الأخرى كالذكاء العاطفي الذي يمكنه من تكوين صداقات جديدة   ، والتعامل مع الآخرين باحترام ومودة ، ومن فهم مشاعر الناس  وانفعالاتهم ، وبالتالي يكون مؤهلا للتعبير عن مشاعره والتحكم بها ، فيحسن التعامل مع المواقف الطارئة مستقلا برأيه وبفهمه للأمور .

   ومن أجل بناء شخصية واثقة للطفل فإن الخبراء التربوين ينصحون أولياء الأمور بـ :

-       التواصل معه باستمرار ومحاورته والتحدث إليه ، ومناقشته فيما يخصه.

-       اللعب معه .

-       تدريبه على مشاركة الأطفال الآخرين بألعابهم ، وتبصيره بأسس الاتفاق والاختلاف معهم .

-       تدريبه على مساعدة المحتاجين والعطف على الفقراء

-       تدريبه على العمل التعاوني .

-       تشجيعه على المبادرة إلى فعل الخير ، واحترام الآخرين واستخدام الألفاظ المهذبه أثناء الحديث معهم مثل؛  شكرا ، لطفا ، من فضلك .

-       تبصيره بقيم العمل البناء المثمر ، وبالضوابط التي تمكنه من فهم المباحات والممنوعات .

-       تعويده على القراءة المفيدة الممتعة ، وتوفير الكتب والمجلات التي تخدم هذا الغرض ، واصطحابه إلى معارض الكتب والمكتبات العامة .

     - إعطاء الطفل فرصة ليعمل باستقلالية معتمدا على نفسه في تصريف أعماله وحل مشكلاته .

- التركيز على تعليمه المهارات والقيم ؛ مثل الشجاعة والقدرة على اتخاذ القرار ، والصورة الإيجابية عن الذات ، أكثر من اهتمامهم بالتلقين والحفظ .

- تبصيره بأهمية الوقت وبكيفية احترامه والمحافظة عليه .

- تدريبه على المهارات الاجتماعية التي تمكنه من التعامل مع الآخرين باحترام ونجاح .

- تدريبه على ممارسة التأمل والاختلاء بالذات ، وإعادة برمجتها لتهذيب وتحسين ممارساته

- اجتناب الألعاب السهلة على الحاسوب التي تعلمه الاتكالية ، أوتطبعه بطابع الممارسات العنيفة .

    وبناء على ما سبق فإن شخصية الطفل انعكاس لما يتربى عليه في مرحلة الطفولة المبكرة  ، وهذه المرحلة هي التي ترسم الخطوط العريضة لما سيكون عليه في المستقبل . وكذلك فإن الصحة النفسية للطفل مصدرها الرئيس الظروف التي ينشأ فيها ؛ فإن الطفل الذي ينشأ في بيئة يجد فيها الحب والحنان والثقافة والممارسات الحضارية  يشعر بالسعادة والطمأنينة والرضا ، فيغدو سعيدا مطمئنا واثقا ؛ مما يؤهله ليمارس دوره في الحياة بتميز .

sawahry@hotmail.com

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz