كيف تكون إنساناً محبوباً ومؤثراً.

د. محمود طافش الشقيرات

      في كثير من الأحيان يصادفنا شخص ما فنرتاح لرؤيته ويدخل قلوبنا ، ونتمنى لو أن

بقاءه معنا يطول ؛ إذا تكلم نصغي إليه بانتباه واهتمام ، ونتأثر بما يقول،  وإذا زارنا نفسح

له صدر المجلس ، وإذا واجهتنا مشكلة قد نهرع إليه نطلب منه النصح . ... هذا الشخص

 يوصف أحيانا بأنه خفيف الظل ، وأحيانا أخرى بأنه حكيم أو قيادي ، وقد نكتفي بالقول

إنه ذو شخصية قوية جذابة . فما السر الكامن وراء هذا القبول الذي يحظى به هذا الإنسان

المؤثر المحبوب ؟

لا شك أن هذا الموضوع واسع ومتشعب ، و تصعب الإحاطة بكل جوانبه بمقال واحد ، لكن بوجه عام  يمكن الإشارة إلى أبرز المحاور التي يمكن أن تصلح لأن تكون أفكارا رئيسة لبلورة فكرته العامة ، وذلك من منطلق أن خير الكلام ما قلّ ودلّ .

     وبادئ ذي بدء لابد أن نتفق على تعريف محدد لمفهوم  الشخصية ؛

يرى " مورتن برنس " أن الشخصية هي : " كل الاستعدادات والنزعات والميول والغرائز والقوى البيولوجية الفطرية والموروثة ، وهي كذلك : كل الاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة ."

ويرى آخرون أن الشخصية هي :" سلوك متأصل في نفس الفرد مستمد من موروثه الجيني والتربوي يتميز به كل فرد عمن سواه ." 

أو هي  "" مجموعة من السمات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر علاقات الشخص بغيره من الناس فتميزه عنهم "

وبوجه عام فإن شخصية الإنسان ترتكز على ثلاث دعائم أساسية هي : العقل والإرادة والعاطفة . و ينبثق عن هذه الدعائم مجموعة من السمات المميزة للشخصية المحبوبة بحيث يمكن وصف الفرد المحبوب بأنه:

أ‌-      باسم الثغر ، قادرعلى توظيف الذكاء العاطفي بكفاءة عالية لاستمالة الآخرين, فينصتوا لما يقول بانتباه .

    ب - قادرعلى توظيف الأدلة العلمية والوجدانية ليعزز ما يطرح من آراء و حقائق .

    ج- وهو قدوة للآخرين في مظهره وأقواله وأعماله

        ومن صفات الشخص المحبوب كذلك :

-       التواضع وعدم التعالي على الآخرين .

-       اجتناب كثرة التبرم والشكوى وإظهار الضيق والحزن .

-       التفاؤل والثقة بالنفس وبالقدرة على تجاوز الصعاب وعدم الاستسلام لليأس .

-       حب الخير للآخرين والرغبة في تقديم يد العون إليهم .

-       محاولة فهم مشكلات الأخرين ومعاناتهم ، ومشاركتهم في إبجاد حلول لها .

-       اجتناب الصفات المذمومة مثل ؛ الأنانية والمشاكسة والكذب والنفاق .

      وهذه الأهداف التربوية لا تتحقق إلا عبر حزمة من الإجراءات  والمميزات  من أبرزها كما يرى بعض علماء النفس والاجتماع :

1-الثقافة الواسعة المنوعة ؛ بحيث يكون المرء قادراً على التفكير العلمي وعلى الإجابة الدقيقة المتوازنة  عن كل سؤال يوجه إليه بطريقة علمية مسلسلة مدعومة بالحجج والبراهين التي  تدحضد الشبهات وتفند المفاهيم الخطأ0

2-الأسلوب الشائق المدعوم بالفطنة وبالمنطق ، الهادئ المتزن المحرر من الهوى والتوتر والذي يناسب الجو العام للحوار .

 ومن أبرز الأساليب التعبيرية والممارسات العملية التي تلقى القبول من الآخرين أثناء التحدث – كما يرى البلاغيون والباحثون في علم النفس  :

أ- الإثبات وتوضيح الأمر لمن يجهله, وهذا الأسلوب يتطلب فطنة ورجاجة عقل تساعد المتحدث على الإقناع .

ب- المقارنة بين الضدين؛ فيبدو الخطأ أكثر وضوحاً إذا ما قورن بغيره من الأعمال الصائبة , فتبدو للمستمع مضار الخطأ ومحاسن الصواب, فيقبل عليه ويختاره ، فتسكن إليه نفسه .

ج-التركيز على جوهر الموضوع  وتحاشي القضايا الهامشية التي تشتت انتباه المستمعين فينصرفوا عن المتحدث0

د-التلميح دون التصريح عند حصول الخطأ ، وعدم التشهير بالمخطئ ولومه وتقريعه ، وإنما تتم معالجة الخطأ بهدوء وفي منأى عن التجريح0

هـ- الرفق ورحابة الصدروالعفو عن المخطىء ، وعدم الانفعال مهما تمادى الطرف الآخر في غضبه .

و-الجرأة الحكيمة الواعية والثبات الراسخ على الحق0

ز- تنويع الأساليب أثناء التحدث والمراوحة بين الخبر والإنشاء لتشويق السامع واجتذابه لمواصلة الإصغاء وتوظيف الأمثال والقصص في الحديث0

ط- البذل والعطاء؛ حيث إن النفوس قد جبلت على حب من أحسن إليها .

واستكمالا لجوانب لموضوع فقد قام الباحث بتوزيع إستبانة على عينة من طلبة

المدارس الثانوية وسألهم عن مواصفات المعلم المحبوب من وجهة نظرهم  ، فكانت إجاباتهم كالآتي :

-       يحافظ على هدوئه دائما ولا يثور لأتفه الأسباب .

-       يبتسم لي كلما رأني .

-       يخاطبني دائما بقوله : يا أخي أو يا صديقي.

-       يوجه إليّ النصح والإرشاد على انفراد .

-       يعدل في معاملتي ولا يحابي عليّ أحد من زملائي .

-       يشعرني دائما بأنني إنسان ناجح .

-       يهتم بي ولا يتجاهلني .

-       يحترم رأيي ولا يسفه إجاباتي .

-       يثني على أعمالي الناجحة ، ويبرز مواضع التميز فيها .

-       لا يقلل من شأني أمام الآخرين .

-       يهتم بمظهره .

       ومن العوامل الأخرى التي تجعل الإنسان محبوباً في مجتمعه: الخلق الكريم، والعدل في المعاملة، والسخاء في العطاء ، و الإصغاء للمتحدث، والصدق في الحديث ، ومناداة الشخص المخاطب بأحب الأسماء إليه، واحترام العادات والتقاليد في المجتمع،ومشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم0

      فإذا استطاع الواحد منا أن يتصف بهذه الصفات فلاشك أنه سيلقى القبول من الناس المتعاملين معه ، وسيقبلون عليه ، ولن يكون مرفوضاً من أحد يمكن أن يوصف بأنه سوي التفكير والسلوك .

sawahry@hotmail.com