مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

أهمية التنشئة الاجتماعية للطفل

د. محمود طافش الشقيرات

     يستطيع الباحث التربوي أن يلاحظ بسهولة ويسر بعض طلبة العلم في بعض المدارس وهم يلقون بمخلفات الأطعمة وبالعلب الفارغة تحت أقدامهم ، وفي كل زاوية من زوايا الساحات المدرسية التي يصطفون بها بعد الاستراحة تمهيدا لدخولهم إلى صفوفهم ، وربما ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك فحطم زجاج المدرسة أو شوّه جدرانها برسومات أو بعبارات بذيئة . وكثيرا ما  نشاهد بعض الآباء وهم يعطلون قوانين المرور ، ويقودون سياراتهم في الشوارع المزدحمة كيفما اتفق ، ومن منطلق أن الأولوية للسيارة الأضخم أو الأقدم .

    وهذه الملحوظات وغيرها إن دلت على شيء فإنما تدل على خلل في تنشئتهم الاجتماعية الناجمة عن أنماط من التربية الاعتباطية التي لا تستند على أسس سليمة . كما تكشف عن العقلية الاتكالية التي تسود أحيانا في بعض المجتمعات ؛ حيث تلقي الأسرة كامل المسئولية على المدرسة ، وحيث تلوم المدرسة الأسرة لقلة اهتمامها بوليدها ، ويتوه الطفل بين الجانبين بعد أن يلمس تناقضات تنعكس على تفكيره وسلوكه .... فأين المخرج ؟

  لا شك أن الفكر التربوي السويّ يلعب دورا ملموسا ومهما في تهذيب ممارسات الأفراد ، حيث تتكاتف جهود الأسرة والمدرسة لبناء شخصية الطفل من خلال أربعة مجالات متكاملة معرفيا ومهاريا ووجدانيا واجتماعيا .

    ويخطط المعلمون المؤهلون للتعامل مع هذه الجوانب بقدر ما يساعدهم المنهاج الدراسي على ذلك ، والمتميزون منهم يستعينون بمصادر معلومات خارجية إضافية ، تمكنهم من إحداث تغييرات إيجابية مرغوبة في سلوك الأطفال وفي طرائق تفكيرهم   .    

   ورغم ذلك كله فإننا نظل نشاهد  في المدرسة وفي الشارع ، أطفالا يمارسون أعمالا سلبية ناجمة عن خلل في تنشئتهم الاجتماعية ،وهذه مشكلة تتطلب متابعة وحلا . فما المقصود بالتنشئة الاجتماعية ؟ وما أهم عوامل وشروط نجاحها في تحقيق أهدافها ؟

  التنشئة الاجتماعية هي عملية تعليمية تعلمية تبدأها الأسرة ، وتنميها المدرسة وتصقلها ؛ لتربية الطفل على السلوك القويم ، واجتناب السلوك الذميم ، فينشأ إنسانا مثقفا منضبطا ، واثقا بنفسه وبقدراته ، وملتزما بمكارم الأخلاق ، وقادرا على العمل المثمر وعلى التصدي لمشكلات الحياة  ، وإيجاد حلول ناجعة لها ، وعلى التكيف مع الناس ومع تقلبات الزمان .

   وتتم هذه التنشئة من خلال تهيئة أذهان الأطفال ونفوسهم وإثارة قابليتهم لِ:

-   الإقتداء بأشخاص مميزين ، يحبونهم ويحترمونهم لصفات وممارسات تجعلهم يعجبون بهم ، فيميلون إليهم ، ويقلدونهم فيما يقومون من أعمال ، وفيما ينطقون من أقوال .

-       الحصول على قبول الآخرين لهم ، وعلى اعترافهم بهم .

-       اجتناب الأعمال والأقوال المذمومة التي تنفر الآخرين منهم ، وتعرضهم للعقاب.

    وللتنشئة الاجتماعية أهمية بالغة ؛ حيث إنها إن لم تكن سليمة ومتوازنة فإنها قد تنجب أطفالا منحرفي السلوك ، قد يشكلون خطرا على المجتمع . وفي مقابل ذلك فإن تنشئة أطفال واثقين ومتزنين ومنتجين تقود إلى مجتمع آمن و مزدهر .

  وتتم التنشئة الاجتماعية السليمة بتكامل أدوار الأسرة والمدرسة لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسة :   

 الهدف الأول : تنمية ذات الطفل التي تقوم بالأعمال ، وتتحمل مسئوليتها ، وهذه الذات تكون متزنة ومطمئنة من خلال التزامها بالقيم وبالسلوك الاجتماعي الإيجابي ، وابتعادها عن الانقياد وراء الشهوات المذمومة ، وبقدر مساهمتها في تقديم الخدمات النافعة للمجتمع .

    وأكبر ضابط لعملية بناء الذات السوية هو الدين السماوي ؛ لأنه يحث الأفراد على الاستقامة ، وعلى التمسك بالقيم  ، ويدعوهم إلى ضبط الغرائز ،وتحقيق التوازن بين المثالية والواقعية .

الهدف الثاني : تدريب الطفل على القيام بالأدوار الاجتماعية المطلوبة، وهذه الأدوار تتباين باختلاف إمكانات الأفراد ومراكزهم وظروفهم وعلاقاتهم ، ولكل دور من هذه الأدوار المتفاوتة أو المتكاملة وظائف وسمات محددة . وتتكامل أدوار الرجال والنساء في المجتمع ، ويرتبط كل دور بالأدوار الأخرى ، ويعتمد عليها بنسب متفاوتة ، وذلك حسب أهمية الدور ومدى حاجة الناس إليه .

  ومن هنا تبرز أهمية التنشئة الواعية التي تعد الأبناء لإشباع حاجات المجتمع ليظل متزنا ومستقرا ، ودون تغليب دور على الآخر إلا بقدر الحاجة إليه ،فلا يكون هناك فائضا في أعداد فئة من الاختصاصيين ، أو نقصا في فئة أخرى ، وإلا فإنه سيترتب على ذلك بطالة وخلل في عمليات الإنتاج ، مما يضطر الفرد الذي لا يجد عملا في وطنه إلى الهجرة منه، ليقوم بدوره في مجتمع آخر ؛ لذلك فقد برزت الحاجة إلى  إعداد الكوادر تبعا لحاجات المجتمع ، فيعهد إلى كل فرد بالقيام بالدور الذي يناسب قدراته وميوله واتجاهاته .

الدور الثالث : تدريب الطفل على الانضباط واحترام القوانين والأنظمة في المجتمع ، ويكون هذا التدريب ناجحا بقدر نجاح التنشئة في مساعدة الفرد على تحقيق ذاته ، وإشباع حاجاته الأساسية والنفسية .

   إن الأسرة والمدرسة يجب أن تتعاونا على تربية الطفل بمنهجية علمية ، وعلى مواجهة المشكلات الاجتماعية بالتربية الواعية . ويقع على عاتق الأسرة العبء الأكبر ؛ لأن الصغير يقضي معظم وقته بين أفرادها يتأثر بهم ، كما يقع على عاتق المؤسسة التربوية مسؤولية تدريب وتأهيل المعلمين وتوعية أولياء الأمور بأصول التربية السليمة ، فإن من لا يملك وعيا تربويا لن يكون قادرا على بناء فرد صالح ؛ ولأن فاقد الشيء لا يعطيه .

   فإذا نجحت عملية التنشئة الاجتماعية في تحقيق هذه الأهداف مجتمعة ، فإنها تكون بذلك قد مهدت الطرق لإيجاد مجتمع آمن ومتوازن ومنتج ، ومهيأ للنهوض والتقدم والازدهار .

\

 

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz