مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

قراءة في ديوان :

البراكين           

      أشعار : طه عبد الغني ( فلسطين )

محمود طافش الشقيرات

 

     يتبوأ الأدب مكانة مرموقة عند كل الأمم الحية ؛ لأنه ركن مهم من أركان حياتها القومية ، ولأنه يشكل المرآة التي تنعكس على صفحاتها همومها وقضاياها ، وهو بالتالي سجل أمين لصراعاتها مع أعدائها  ولنضالها من أجل عزتها وكرامتها . فهو أداة مهمة من أدوات الحرب لا تقل أهمية عن الرصاصة ؛ فالكلمة الملتزمة الصادقة لا بد لها من أن تعانق الرصاصة التي تئز في ساحة الوغى ، وأن تصافح الفكرة التي تختمر في رأس السياسي المحنك .

      كانت هذه الخاطرة تدور في خلدي وأنا أتصفح ديوان الشاعر طه عبد الغني ( البراكين ) والذي صدر مؤخراً عن المطبعة الاقتصادية في دبي مشتملا على ثلاث وثلاثين قصيدة مطولة .

    وكأني بالشاعر قد نذر نفسه متطوعا للمشاركة في هذه المواجهة الهائلة التي تدور رحاها على الساحة العربية منذ أجيال .. صراع مرير مع الصهونية الغاشمة ممثلة في دويلة البغي ومن ورائها المال والسلاح الأمريكي ، ومع السلبية والتخاذل والتناحر والتمزق العربي ، إنها معركة الوجود القومي .. ومعركة التحرير والبقاء .

      وللوهلة الأولى يلاحظ القاريء بأن الشاعر يوظف كل قصائده للدفاع عن حقه الوطني ؛ ومن أبرز مظاهر الالتزام الوطني في شعره إصراره على تعبئة الجماهير تعبئة ثورية ، وشحنها بروح النضال والمقاومة المستمرة التي تتسم بالنفس الطويل على كافة الأصعدة ، وهو في محاولته هذه يستخدم الأوزان والقوافي ذات النغمة الحماسية التي تثير النخوة وتلهب الوجدان . يقول :

تحيتنا لمن صمدوا

بوجه الغزو .. للثورة

لمن فرضوا على الدنيا

إرادة شعبنا الحرة

لأبطال ترد الويل

عن بلدي وعن شعبي

مشوا في الوعر في الأشواك

هذا ويحكم دربي

دروب المجد نحفظها

وحتى الطفل يعرفها

سنسلكها سنعبرها

وبالأجساد نمهدها

وننشدها بضرب النار

جاءت جاءت الثورة

 

     إن الشاعر ملتزم بقضية تحرير بلده ، بمعنى أنه دائم التواجد داخل حركة الشعب ، لا أقول الفلسطيني فقط ، وإنما الشعب العربي بكافة طبقاته ومستوياته ؛ فهو يخاطب جماهير الأمة العربية أينما تواجدت من محيطها إلى خليجها، وهو دائم التحدث عن الأخوة والتضامن .... إنه يعرف ماذا يريد ، ولأي شيء يعمل ، وهذا ما أكسب بعض قصائده سمة الخلود ، ذلك لأن شعره الثوري قبس من سيرة نضال شعبه في معركة الصمود الأسطوري على أرض الأجداد . ولنستمع إليه وهو يهتف :

 

ويا ثورة

على لبنان

تحيا الآن

تحيا الآن

ليس تموت

تعيش الآن

في دمنا

تدوس الظالمين بنا

تعيش بشرقنا العربي

تثوّر غربنا العربي

 

      وإذا كانت الوقائع والشواهد تؤكد بأن كثيرا من الشعراء الثوريين كانوا - وما زالوا - يتحركون داخل إطار من قوقعة انتمائهم السياسي ، فإن شاعرنا على العكس من ذلك ، قد استطاع أن يتخطى كل الحدود ويعلنها ثورة على كل القيود .

     إن السمة البارزة التي تغلب على أشعار الديوان هي الوضوح . فالشاعر على خلاف كثير من الشعراء الثوريين المعاصرين يدرك مدى الأمية الفنية التي تتخبط فيها جماهير أمته العربية ، لذلك تراه يكتب بلغتها ، ويستعمل الأوزان والتفعيلات التي تستهويها .

       لقد استطاع أن يتحرر من البروج العاجية التي يعيش فيها كثير من شعرائنا المعاصرين . كما استطاع أن يخترق الجدار الضخم القائم بين الشعراء والأمة ، وأن يشنها حرباً لا هوادة فيها على كل القيم البالية ، والآراء المضللة.

    إن الشاعر طه عبد الغني ملتزم بالدفاع عن قضيته من خلال قصائده الملتهبة التي تضمنها ديوانه ، والتي صاغها بلغة سليمة ، وبأسلوب مقبول لدى الجماهير ، فكأني بهم يزحفون خلفه وهم يهتفون :

 

نموت نموت لن نركع

وكل الخلق فليسمع

ويا صهيون من درعٍ

مجنزرة ومن مدفع

ومن طيران أمريكا

وما صنعت ولم تصنع

تعال تعال صب النار

من جو وعرض بحار

تقدم تحت ظل القصف

تقدم بعد كل الخسف

ستلقانا نهب عليك

كريحٍ صرصرٍ زعزع


    وقد يرى البعض في هذا الوضوح نوعا من المباشرة ، لكني أرى أن الشاعر قد استطاع أن يخاطب الجماهير القارئة ، وأن يهز مشاعرها .. وبالتالي فقد قام بدوره على وجه حسن.

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz