مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

قراءة في المجموعة القصصية :

الخـيبـــة   تأليف :محمد طليمة ( الأردن )

محمود طافش الشقيرات

 

              الشاب محمد طملية ، رأيته ورآني لأول مرة ، في قاعة الزهراء بمجمع النقابات المهنية ، حيث أقامت رابطة الكتاب الأردنيين مهرجانها الرابع ... وحيث قرأ الكاتب قصة قصيرة جداً .

     وكنت قد قرأت في ملحقاتنا الثقافية ما ينم عن ولادة قاص جديد من خلال مجموعة قصصية تحمل اسم "الخيبة" . وكنت قد قرأت ، قبل ذلك وبعده ، بعض قصص المجموعة تنشر على فترات متقاربة جداً ، الأمر الذي استحثني للنهوض والبحث عن المجموعة في الأسواق المحلية خشية أن تفوتني معرفة ما بها .

      وفي طريقي إلى المكتبة ، كنت أتصور - استنادا إلى ما قرأته وسمعته - بأنني سأعود إلى البيت بكتاب أزين به مكتبتي .... طلبت من صاحب المكتبة  الذي أتعامل معه  المجموعة القصصية التي تحمل اسم الخيبة . وما كاد الرجل يناولني بين اصبعيه كتيباً صغيراً شاحباً ، حتى شعرت بخيبة ما بعدها خيبة ، الأمر الذي أوحى إليّ ، بأن صاحب المجموعة إن كان قد وفّق في شيء ، فقد وفّق في اختيار لفظة الخيبة وسما لمجموعته ...

     غير أني ما لبثت أن عنفت نفسي ، وقلت لها : إن المظهر قد لا ينم عن الجوهر ، وإن هذا الكتيب القميء قد يكون بين دفتيه قبسات من العلم الغزير .

     وما كدت أنتهي من قراءة ما كتب على أنه مجموعة قصصية ، حتى تأكد لدي بأن ما كتب حول المجموعة لا يتعدى أن يكون كلمة تشجيع لكاتب مبتدئ ، وأن على هذا الكاتب إذا أراد أن يحتفظ بهذه العاصفة من التصفيق أن يستغل كل دقيقة من وقته في تطوير وتهذيب كتاباته .

     ولأول وهلة لاحظت ولوع الكاتب باستعمال نوع من التشبيهات المثيرة للقرف والاشمئزاز ، وكنت قد لاحظت انتشار هذا النوع من التشبيهات ، المثيرة للاشمئزاز  في كتابات عدد من القصاصين العرب الموسومين بالتقدمية، الأمر الذي جعلني أخشى أن يكون هناك تكتل معين يهدف إلى ترويج نماذج من التشبيهات الساقطة في الأدب العربي .

    وقد راودتني فكرة كتابة دراسة حول هذه المجموعة  منذ صدورها ، غير أني كنت أقف حائراً إزاء هذه التشبيهات التي أشرت إليها خشية أن يكون بها من الفكر ما أنا عاجز عن استيعابه  حتى كان المهرجان المذكور فرأيت أن انتهز فرصة ورود عبارة من العبارات إياها ، في القصة التي قرأها الكاتب بالمهرجان فناقشته في مدى جديتها ، فلم يزد الشاب على أن قال : " آمل أن أتخلص منها في المستقبل " ..

    ولما كنت أعلم بأنه لا يضير الكاتب الموهوب أن ينبّه إلى مواضع الخطأ ، فقد تناولت المجموعة بشيء من النقد ، وكلي ثقة بأن أصالة الكاتب - التي هي كل حصيلته من مجموعته - ستجد فيما أكتبه آفاقا جديدة ، تساعده على إحراز التقدم ، وتجنبه الوقوع في الزلل .

     ونظرة عامة إلى المجموعة ترينا بأنها تدور حول صراع طبقي ، وتهدف إلى الترويج لأيديلوجية معينة ، وهذا حسن ... لكن ... هل القضية المطروحة على بساط " الخيبة " مستقاة من واقع المجتمع المحلي ، أم من خارجه ؟

     ثم هناك محاولة لتغيير مجتمع طبقي إلى مجتمع اشتراكي . فهل الطبقية من خصوصيات المجتمع الذي ينتمي إليه الكاتب ؟

     ولنأخذ أولى قصصه : " القادمون الجدد " لنتحدث من خلالها عن أهم مقومات القصة القصيرة  ؛ إقرأ هذا التشبيه " لقد اكتفيت بأن لاحظت أن وجه التاجر يشبه الخصية ، وخرجت إلى الشارع العام " .

    لقد تأملت التشبيه الآنف الذكر ، وفكرت فيه طويلاً ، وقلبت كلمة الخصية على كافة وجوهها بحثا عن أية دلالة يمكن أن تكون مقصودة لذاتها ، لكنني لم أتوصل إلى شيء ، بل وأزعم أن العبارة لم توضع أصلا إلا من أجل هذا التشبيه المثير للاشمئزاز ...

     وإذا كان بين أصابعك كأس من الشاي أو فنجان من القهوة ، فدعه جانبا وتأمل قوله : " إن شخصا فكّر ذات يوم باختراع هذه القوانين - يقصد قوانين العرض والطلب - إنما هو جردل ماء وسخ ، ويستحق بصقة لزجة في حلقه " وهكذا لم يجد صاحبنا غير هذا الاسلوب لمناصرة الاشتراكية وتقبيح الرأسمالية ...

     واسمعه أيضاً : " فصل الشتاء يعزز تحالفه مع تجار الملابس ، فتنخفض درجة الحرارة ، ويتصرف المطر بعهر ، إذ يصل الوحل إلى ما فوق الركبة " .

     وفصل الشتاء الذي كان منذ الأزل وما زال  رمزاً للخير والبركة قد أصبح في نظر الكاتب حليفاً للاحتكار ، والمطر نفسه  الذي لولاه لمات الناس جوعا وعطشا ، حتى في روسيا الشيوعية نفسها ، أصبح في نظر الكاتب عاهراً . إن الوحل ليس له من دلالة في قصة صاحبنا  إلا أنه وحل ، فأي مكان في بيئتنا التي يتحدث عنها الكاتب ، يصل الوحل فيه إلى ما فوق الركبة ؟ ثم إذا كان مثل هذه الألفاظ والتشبيهات - وما أكثرها في مجموعة الكاتب - تدل على الأدب ، فما هي الألفاظ التي تدل على غير ذلك ؟!!

     والآن ، لاحظ الحدث الآتي :

" كان إلى جانبك شاب يرتدي قميصاً ، وقد أزرق جسده اثر البرد ... جاء رجل ثالث ، كان يقطر ماء ... جاء رجل رابع ... تضايق صاحب المحل ، قال إنكم تحجبون الواجهة عن المارة . وعاد أدراجه إلى الداخل حيث المدفأة ... جاء خامس ... جاء عاشر ، أنتم تحت مظلة المحل ، وعلى بعد سنتمترات منكم عشرات المعاطف وجرزات الصوف . ثم يهجم الرجال العشرة على المحل  يحطمون الواجهة ويستولون على ما فيه من جرزات و معاطف .

    ولعل القاريء يلاحظ أن اجتماع عشرة من المسحوقين  تحت مظلة واحدة  وفي وقت واحد  ودون سابق موعد ، ثم مهاجمة هؤلاء المسحوقين لواجهة المحل والاستيلاء على ما فيه  أمر خارج عن المألوف  وحدث غريب مستهجن  وخاصة في مجتمع كالمجتمع الذي ينتمي إليه الكاتب .

     وبالإضافة إلى غرابة الحدث  وعدم إمكانية حدوثه  في مجتمع متطور كمجتمعنا  فإن الكاتب لم يتمكن من تطويره ليصل به إلى الخاتمة المرجوة ، بل إن الكاتب - بعد أن سرد الواقعة التي تخليها  لتخدم فكره يريد أن يعبر عنها، يصل بالقاريء  فجأة  وبقفزة واحدة إلى النهاية ..

    ثم إن الكاتب ، أهمل عنصراً هاماً من العناصر  التي كان من الممكن أن تساعده في توضيح فكرته  وفي التمهيد لنهاية قصته  وهو الحوار ...

     أما عن السرد ، فقد كان سريعاً ، ولم يكن بينه وبين حديث النفس - الذي كان أشبه بحديث موجه إلى القاريء - أدنى انسجام .

    وبعد ، فإنه يمكن تلخيص الرأي في مجموعة الخيبة بالنقاط الآتية :

1- إن الكاتب يملك الرغبة ، في أن يكون كاتبا قصصيا ؛ ينم عن ذلك النجاح النسبي الذي أحرزته قصته الثانية " الحيلة" .

2-إن عدم نضوج تجربة الكاتب ، جعله يتخبط في كتاباته ، متأرجحا بين القصة القصيرة والرواية التي جنحت إليها قصتاه " الخيبة "  و " وقاحة موظف " .

3- إن الفكر الاشتراكي  الذي يبدو لي  أن الكاتب قد انتمى إليه حديثاً لا يمكن الترويج له  بموضوعات تتضمن عبارات مثيرة للقرف والاشمئزاز .

4- إن الكاتب قد تسرع في إخراج مجموعته ، وإذا قدر له أن يكون في يوم من الأيام قاصا ، فإنه سيندم على أن له في الأسواق الأدبية  مجموعة قصصية ... كالخيبة .

 
Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz