مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

قراءة في المجموعة القصصية :

صورة للوطن               

 تأليف :ماجد ذيب غنما ( الأردن )

محمود طافش الشقيرات

 

     استطاع القاص ماجد ذيب غنما أن يخطو خطوة  واسعة إلى الأمام بمجموعته القصصية الثانية " صورة للوطن  وقصص أخرى " والتي صدرت أخيراً في عمان عن جمعية عمال المطابع التعاونية .. وتضم المجموعة ثماني قصص ، ستا منها ذات مضامين وطنية تنم عن التزام كاتبها بالدفاع عن قضيته بأسلوب سهل ومباشر .

     ولعل خير ما يمثل المجموعة في نظري قصة الطائر الأزرق ، والتي تكلم الكاتب من خلالها عن قيمة الحرية ووطأة العبودية ... وتتلخص القصة في أن طائراً وجد مصابا في أحد جناحيه ، فوضع في قفص واعتني به حتى تماثل للشفاء .. وحين يرى الطائر بأن حبسه قد طال ، فإنه يضرب عن التغريد .. ويقوم بالمحاولة تلو المحاولة للتخلص من عبوديته واستعادة حريته دون يأس أو كلل ، حتى يتم له ذلك في نهاية المطاف .

     ويقدم لنا الكاتب أفكاره من خلال حوار يجريه بين صاحب المنزل وابنه عدي .. وقد تمكن باستخدامه البارع للحوار من أن يبث الحيوية في شخصياته محققاً قدراً كبيراً من التوافق بين السرد والحوار .. ولنستمع إليه وهو يقول :

     وفجأة توقف الطائر الأزرق عن التغريد والغناء .. ولم نعد نسمع له تغريدا ، وكأنما قيل له أن الغناء محرم وأنه اكتشف هو ذلك من تلقاء نفسه " .

قال عدي : لم يعد الطائر الأزرق يغرد .. إنه مريض .

قلت : بل هو حزين .

- قال : ولِمَ هو حزين وقد شفي جناحه تماما ؟

- قلت : لعله اكتشف أخيراً أنه باق رهين هذا القفص .. وهو كما تعلم ابن الريح والفضاء.

قال عدي : ولهذا فهو يصر على التزام الصمت المطبق .

قلت : ومن يدري لعله بصمته المفاجئ هذا يحاول أن يعبر لنا عن عتبه علينا ..

     لقد برع الكاتب في استخدام الحوار لعرض أفكاره بأسلوب قريب مبتعداً تماماً عن التعقيد والغموض .. وإن كان هناك من يرى في هذا مظهر ضعف  فإني على عكس ذلك أرى فيه مظهراً من مظاهر القوة والثقة بالنفس .. فالكاتب مقتنع بما يريد أن يقوله فيعلنه بمنتهى الوضوح وعلى رؤوس الأشهاد .. وانظر كيف قال ذلك .

يسأل الطفل أباه :

- وماذا تراه يود أن يقول ؟

     فيجيب الأب : أحسبه بعد أن رآني أجلس قريبا منه أرسم لوحة حينا واكتب قصيدة حينا آخر يود لو يقول لي : لست أحسبك ترضى بالتخلي عن حريتك يوما .. بل لعلك على استعداد لتقديم حياتك ثمنا لحريتك ، فما بالك إذ لا تجد أي ضير في أن تغتال حريتي وتعتقلني داخل هذا القفص اللعين لتستمتع بتغريدي .. لن أغرد بعد اليوم .. إذا كان هذا التغريد سبباً في عبوديتي .

     أما عن المضمون ؛ فإن القاص يستقي قضاياه ، وموضوعات قصصه من واقع مجتمعه فيرسم خصائصه ، ويتحدث عن همومه بلغة سليمة مستخدماً ألفاظاً سهلة ضمن تراكيب لغوية متماسكة ، الأمر الذي يؤكد لنا بأنه حقاً يريد أن ينهض بمجتمعه .

     إن المجال مفتوح أمام هذا القاص لكي يتبوأ مكانه في دنيا الإبداع لكن عليه أن يبذل مزيداً من العناية في بناء الأحداث .. كالتمهيد لها والاهتمام بنموها وتطورها حتى تصل بالقاريء إلى نهاية مقبولة ومقنعة ، كما أن ازدواجية الحدث تضعف من تقبل القاريء للمضمون .

     ومجمل القول في مجموعة " صورة للوطن وقصص أخرى " للقاص ماجد ذيب غنما أن مضامينها جيدة ، ولغتها سليمة ، وأبطالها إيجابيون .. غير أن الأحداث يلزمها المزيد من العناية . وقد جاء النص الأخير فجا ، ولن يشفع لكاتبه الاعتذار المسبق الذي تقدم به .. لأن التسرع غير محمود وخاصة في الأعمال التي يراد لها الخلود .

 

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz