مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

 

عرائس الضياء              أشعار : يوسف العظم (الأردن )

 

    يوسف العظم شخصية إنسانية ذات تميز ، له باع طويل في حقول الأدب والصحافة والتربية والسياسة ، وقد ساهم في إثراء المكتبة العربية الأردنية بما أضاف إليها من مؤلفات ضمنها عصارة فكره وخلاصة تجاربه . وهو من الشعراء القلائل الذين ما زالوا يمتعوننا بقراءة قصائدهم ، ويمنحوننا لذة فنية تغذي القلب وتطرب الوجدان .. وقد استطاع بديوانه الجديد عرائس الضياء - والذي صدر عن دار الفرقان - أن ينضم إلى قافلة الشعراء المبدعين الذين وظفوا أشعارهم لخدمة قضاياهم التي يؤمنون بها، ويكرسون حياتهم للذود عنها .

     إن السمة الرئيسة البارزة التي تميز قصائد الديوان تتمثل في العاطفة الدينية المتدفقة  التي تتفجر بغزارة من خلال معانيه وألفاظه وأخيلته .. وتأثر الشاعر بالقرآن الكريم واضح بجلاء ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك قوله على لسان الشهيد الذي انتقل إلى عالم الخلود بعد أن نذر حياته الدنيوية للعمل في سبيل الحق . ص 18 :

 

أنــا لله قــد نــذرت حيــاتي                                 وسألــت الإله حسن الثبات

فإذا ضمخت دمائي صدري                                 واحتواني الثرى وضم رفاتي

                                                 فاذكروني يا إخوتي في الصلاة

لا تقولوا لقد فقدنا الشهيدا                                 مذ طواه الثرى وحيدا فريدا

أنــا مــا مت فالملائك حولي                               عند ربي منحت عيشاً رغيدا

                                   فاصنعوا اليوم من شموخي نشيدا

 

          والأبيات اشارة واضحة إلى قوله تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " .

    وبالإضافة إلى ما سجله الشاعر من أحاديث لخدمة الدعوة الإسلامية ، فإن الرثاء يعد من أبرز أغراضه في هذا الديوان ، والرثاء في عرائس الضياء قسمان : فهو إما رثاء أشخاص أو رثاء مدن ؛ أما رثاء الأشخاص فمن أروع ما نظم فيه قصيدته البائية التي يرثي فيها الشاعر محمود الروسان ، والتي يقول فيها ص 75 :

 

أبــا زيــــاد سقـــت مثـواك غادية               وجادك الغيث منهلا من السحب

  قد كنت ترجـو ربى الأقصى محـررة                   وتنشــد العـز بــالإسـلام للعرب

وكنـت للجــود بحراً لا حدود لــه                وكنت في المجد تعلو هامة الشهب

جـــاورت ربــك في أفيــاء رحمتـه              ومــن يعيش في جوار الله لم يخب

 

     وفي معرض رثائه للمدن يتحدث الشاعر عن المذابح البشعة التي تعرض لها الفلسطينيون في لبنان بأسلوب سلس مؤثر يبعث الأسى في النفوس ، غير أن حديثه لا يلبث أن يتحول إلى دعوة صريحة للنضال والمقاومة .

          يقول في قصيدته " فلسطينية تروي قصتها " في بيروت ص 27 :

 

ذبحونـي مــن وريد لوريد                         وسقونــي المــر في كل صعيد

مزقوا زوجي فلم أعبأ بهم                        ومضوا نحو صغيري ووحيدي

غرسوا الحربـة في أحشائه                      فغــدا التكبير أصـداء نشيدي

دمـروا بيتي وهل بيتي هنا                       إن بيتي خلف هاتيـك الحدود

 

          وبعد أن يتساءل الشاعر عن طاقات الأمة المعطلة وعن الأمل العريض في العودة إلى الفردوس المفقود يهتف بلهجة تفيض عزما وتصميما ص 29 :

قــــل لمــــن يحسب أنـــا أمة                    أنكـــرت أمجــــاد سعد والوليد

نحن شعب لم يعد يخشى الردى                          أو يبالي بــرصــاص وحـــديــد

قطـــع العهـد وفــي أعماقـه             دعوة التوحيد والــدين الرشيد

كلمــا أطفـيء منــا قبس                أشــرق القرآن بالفجر الجديد

 

     ويتحسر الشاعر على أمجاد الأجداد التي انقضت أيامها ، ويروعه الواقع المؤلم الذي يتمرغ فيه أبناء قومه ، لكنه لا يفقد الأمل ، فينطلق يستنهض الهمم ويستثير النخوة في النفوس يقول ص 30 :

 

قــد عفـر الوغد وجهي بالدم القاني            ومـــزق العلــج أثـــوابــي وأردانــي

فصحت علّ صلاح الدين يسمعني               أو عــــلَّ حيـــدرة الفـرســان يلقاني

أو عـــلَّ خيــلا لسعـد وهي عادية               ضبحــــا تفجــــر فـــي لبنان بركاني

ورحــت أسـأل دنيـا العرب قاطبة               مــن نسل قحطان أو من نسل عدنان

أيــن السيوف التي في كف معتصم            صالت علــى البغي من فرس ورومان

 

     وهناك قضايا أخرى عديدة تحدث عنها الشاعر في ديوانه ، بالإضافة إلى ابتهالات من النثر الفني كان قد نشرها في مجلة حضارة الإسلام الدمشقية في أواخر الستينات ، وقد أراد الشاعر نشرها في ديوانه لتكون - حسب تعبيره " حبات ضوء متناثرة تتلألأ على جبين  عرائس الضياء " .

          وبعد هذا العرض الموجز لديوان عرائس الضياء فإن القاريء المتذوق يستطيع أن يلمس ملامح الجودة في كثير من قصائده ، فمضامينها تدور حول أقدس قضيتين يمكن أن يتحدث عنهما شاعر ، وهما العقيدة والوطن . والشاعر يتناول موضوعاته بأصالة فنية وإبداع من خلال شخصيته الأدبية ذات الطابع المميز . أما من حيث البناء فقصائد الديوان قد بنيت على أسس محافظة لتشكل رافداً غزيراً محيياً للتراث الأدبي العربي الرفيع وباعثاً له .

 

Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz