مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

الرأي والرأي الآخر ... ودورهما في ازدهار الحركة الأدبية

محمود طافش الشقيرات

كتبت في شهر حزيران عام 1981م

  إن المتصفح للملحقات الثقافية في صحفنا المحلية , يقرأ أنماطا شتى من الكتابات الأدبية , ابتداء بالقصة والقصيدة , وانتهاء بالخاطرة والمقالة , والاهتمام الرئيسي بهذه الموضوعات , يكاد يكون مقتصرا على الكتاب من أعضاء الرابطة , , وعلى القراء .. الذين لا يكاد الواحد منهم يقرأ القصيدة أو القصة , حتى يقلب شفته , أو يلوي عنقه , أو .. قد يلقي بالصحيفة جانبا قبل أن يتم القراءة إذا اصطدم بستار من الغموض حال بينه وبين فهم ما أداه الكاتب أو الشاعر.

  ومن الملاحظ .. أن الاهتمام بالقراءات النقدية قد أصبح يثير لدى جماهير القراء , اهتمامات تفوق تلك الاهتمامات المنصبة على قراءة القصة الحديثة , والقصيدة الحرة , فما يكاد القارئ يلمح في زاوية من الزوايا قراءة نقدية لمجموعة قصصية , أو لقصيدة شعرية, حتى يهب لقراءتها تاركا أو مؤجلا ما عداها , ويرجع ذلك إلى الشغف المتزايد لسماع الرأي الآخر .

والجدالية الأدبية الخلافية، المبنية على الرأي والرأي الآخر معروفة لدى جماهير الأدباء منذ أقدم العصور، ابتداءً بأرسطو وسقراط والمجالس اليونانية القديمة ، ومرورا بالأسواق الأدبية العربية في العصر الجاهلي، وبالنقائض في العصر الأموي وانتهاءً بالجدالية الحديثة التي أدت إلى ازدهار كثير من الحركات الأدبية في العصر الحديث.

ولعل الراصد لحركة الرأي والرأي الآخر في ملحقاتنا الثقافية يلاحظ أن هذه الحركات تكاد تكون معدومة. فمنذ أكثر من ستة أشهر لم يلاحظ أي احتكاك أدبي، باستثناء تلك المناقشات التي برزت أخيرا في جريدة الدستور، حول كوميدية دانتي الإلهية ولعل أحدا لا ينكر أن تلك المناقشات، على الرغم من أنها كانت محدودة، إلا أنها قد أثارت في أوساط المثقفين، وفي الجامعة وفي عدد من المعاهد والمدارس الثانوية، وحتى في الإذاعة المرئية، اهتمامات لا يمكن إغفال قيمتها، تنم عن مدى تطلع مثقفنا لمثل تلك المناقشات البناءة.

ولأنني أدرك مدى أهمية مثل تلك المناقشات، السالفة الذكر على الحركة الأدبية، فإنني لا أريد لها أن تخبوا أبدا. وبانتظار ولادة قضية جديدة للمناقشة، فإنني سأسمح لنفسي بالعودة لتسجيل بعض الملاحظات الجديدة حول قضية طوقان والناعوري، مؤكدا بأن الشكر على ما تحقق، يجب أن يكون موجها لكل من جشّم نفسه عناء المشاركة في المناقشة لكلا الرجلين قطبي القضية.

وقد سألني بعض أولي الرأي، عن بعض ما ورد في مقالتي السابقة والتي توسطت فيها بين طوقان والناعوري، متهمين أياي، بأنني قد مالأت طوقان على حساب الناعوري ، على الرغم من أن جميع المقالات التي نشرت حول ذلك الموضوع قد أيدت ما ذهبت إليه من الإشادة بموقف طوقان الأدبي .

والحقيقة التي بنيت عليها مقالتي تلك ، تقوم على أربعة أصول، أوردها هنا، بعد أن أعلن، بأنني قد ترددت أكثر من مرة، قبل أن أعود للكتابة في هذا الموضوع، خوفا من السقوط في هوة الجدل والمماحكات القولية.

أما الأساس الأول، فهو أن عيسى الناعوري ليس كاتبا ناشئا أو مبتدئا ، بل هو رجل مارس مهنة استعمال القلم فترة تربو على العشرين عاما.

والأساس الثاني، هو أن القضية المثارة ليست مجرد مقالة طويت، بل هي نبضة من الأدب الذي نعده الحامل الحيائي لشخصية امتنا العربية الإسلامية عبر الزمان.

والأساس الثالث، هو أن كثيرا من القراء رغبت في إسعار آتون تلك المعركة الأدبية، التي أرجو أن يكون حصادها وافرا، دافعا للحركة الأدبية في بلدنا.

أما الأساس الرابع والأخير، فهو أن عيسى الناعوري قد وقع في عدة مثالب لا يمكن تجاهلها أو السكوت عليها. وقيل أن العرض لهذه المثالب بالدرس والتوضيح، أريد أن أشير إلى أن المقالتين اللتين كتبهما الدكتور طوقان ضرب من الكتابة الجادة، التي يمكن أن تنضوي تحت لواء المد الإبداعي. وأما ما كتبه عيسى الناعوري فمقالات نقدية، فقدت الكثير من شروطها. وكما لا يخفى على المشتغلين بخدمة الضاد، فإن العمل الإبداعي والنقد الأدبي، هما الوجهان المشرقان للورقة الأدبية، وبينهما علاقة متينة، يجب أن تكون قائمة على الحوار الهادئ المعطاء.

ولعل أحدا لا يجهل، أن الكتابة الجادة وعي ومسؤولية، ومقالات الناعوري حملت في أحشائها الكثير من المغالطات التي جنحت بها بعيدا عن الهدف المرجو، وهي بتلك المغالطات قد تحولت إلى عمل تدميري، وابتعدت كثيرا عن المجال الإبداعي لأن الإبداع اختراق للذات وللطبيعة، ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يكون تجريحا أو سخرية.

كذلك فإن الحوار الذي ابتدأه الناعوري كان شكلا من أشكال الاغتيال الأدبي، ولم يكن عملاً بناءً دافعا نحو الاتجاه الأفضل، وهذا ما يفسر عنف الهجمة الأدبية عليه، وإجماع القراء على الوقوف إلى جانب طوقان.

ولأنني أريد لكتابتنا، التي تنشر في صحفنا، أن تكون كتابة إبداعية خلاقة، تسمو فوق جميع أنماط الحوار الاستعراضي، فإنني أدعو جميع المشاركين في مثل هذه المناقشات، أن يجتنبوا أساليب الدس والتجريح الرخيصة، وأن يعتمدوا الأساليب السامية التي تنعكس على الحركة الأدبية بالخير والسؤدد.


وتلك التي جرت في الرأي الثقافي بين الدكتور إبراهيم السعافين ، والسيد محمود عيسى موسى حول مسرحية ليالي شمس النهار، وكان الأخير قد كتب مقالة اتهم فيها الدكتور السعافين بأنه قد اقتبس مسرحيته من حكايات ألف ليلة وليلة. وقد رد الدكتور السعافين على متهمه بمقالة تنفيض لطفا، مدافعا بها عن نفسه واضعا النقاط على الحروف، موضحا المسائل المختلف عليها بأسلوب ملفت للنظر فقد بدأ مقالته وأنهاها بشكر صاحب الرأي الآخر على الرغم من أنه قد وقف موقف المتهم .

وهكذا انتهت القضية موضوع النقاش بهدوء ، بعد أن حققت الغاية المرجوة، وهي جلاء الغموض وإفادة القارئ بعد أن تركت مسحة من الاحترام بين الرجلين قطبي القضية .

ولعل أحدا لا ينكر أن تلك المناقشات على الرغم من أنها كانت محدودة، إلا أنها قد أثارت  في أوساط المثقفين، برابطة الكتاب، وفي الجامعة وفي عدد من المعاهد والمدارس الثانوية، وحتى في الإذاعة المرئية، اهتمامات لا يمكن إغفال قيمتها، تنم عن مدى تطلع مثقفنا لمثل تلك المناقشات البناءة.

ولم يكن الحال بين الدكتور طوقان والناعوري كمثله بين الدكتور السعافين ومحمود عيسى موسى وذلك للأسباب التالية :

1- أن القضية المثارة بين طوقان والناعوري ليست مجرد مقالة طويت، بل هي نبضة من الأدب الذي نعده الحامل الإحيائي لشخصية امتنا العربية الإسلامية عبر الزمان.

2- أن عيسى الناعوري ليس كاتبا ناشئا أو مبتدئا ، بل هو رجل مارس مهنة استعمال القلم فترة تربو على العشرين عاما.

3- أن الكتابة الجادة وعي ومسؤولية، ومقالات الناعوري حملت في أحشائها الكثير من المغالطات التي جنحت بها بعيدا عن الهدف المرجو، وهي بتلك المغالطات قد تحولت إلى عمل تدميري، وابتعدت كثيرا عن المجال الإبداعي لأن الإبداع اختراق للذات وللطبيعة، ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، أن يكون تجريحا أو سخرية.

4- فإن الحوار الذي ابتدأه الناعوري كان شكلا من أشكال الاغتيال الأدبي، ولم يكن عملاً بناءً دافعا نحو الاتجاه الأفضل، وهذا ما يفسر عنف الهجمة الأدبية عليه، وإجماع القراء على الوقوف إلى جانب طوقان.

5- الرغبة المتزايدة من قبل القراء لإسعاد آتون تلك المعركة الأدبية، على أمل أن يكون حصادها وافرا، دافعا للحركة الأدبية في بلدنا.

لكن السؤال المتحفز بحثاعن جواب هو :

لماذا لم يشارك كبار الكتاب عندنا بآرائهم في النقاش على الرغم من ادراكهم مدى القيمة الأدبية للرأي الآخر وأثره في ازدهار الأدب ؟!


Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz