مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

حوار مع الناقد الأردني :

 إبراهيم خليل

أجرى الحوار :  محمود طافش الشقيرات

نشر في جريدة الإمارات بدبي يوم : 14 سبتمبر 1987م

" ابراهيم خليل " من أبرز الأسماء الأدبية في الأردن لاسيما في مجال النقد الأدبي , صدر له حتى الآن المؤلفات التالية : " الشعر المعاصر في الأردن " 1975 م , في الأدب والنقد 1980 م , مجموعه قصصية بعنوان " من يذكر البحر " 1982 م  كتاب " في القصة والرواية الفلسطينية " 1982 م مجموعة شعرية بعنوان " تداعيات بن زريق البغدادي الأخيرة " " مقالات ضد البنيوية " ترجمة عن الانجليزية , وقد صدر هذا العام عن دار الكرمل للنشر والتوزيع بعمان . وله تحت الطبع " الرواية العربية في المغرب القصي من 1956 _ 1983 " وهي رسالة الماجستير نوقشت في تشرين الثاني الماضي وستظهر قريبا في كتابه وترجمة لكتاب " الرواية الانجليزية في القرن العشرين " وكتاب حول النقد الأدبي في الأردن " وكتاب " مقدمات لدراسة التجربة الشعرية في الأردن من 1921م إلى 1985" وصدر له بعد إعداد هذا الحديث كتاب " تجديد الشعر العربي " .

  كتب ابراهيم خليل العديد من المقالات والأبحاث في الصحف الأردنية اليومية والمجلات والدوريات وعمل في مدان الصحافة الأدبية . 

  في بداية حوارنا مع الأديب ابراهيم خليل في عمان يتحدث عن هويته الشخصية والعوامل التي أسهمت في تكوين شخصيته الأدبية فقال :

   أنا لست ممن يحسنون الحديث عن ذواتهم إطلاقا . وكل ما استطيع أن أقوله : أنني شاب عادي بسيط أبلغ من العمر ثمانية وثلاثين عاما , ومن سوء حظي إن عام مولدي كان هو العام الذي ضاعت فيه فلسطين وقامت دولة الاغتصاب . وأتممت سنوات الجامعة الأولى بعمان لأجد نفسي في حزيران 1967م شريدا طريدا بلا مأوى وبلا عمل معيل , فقد أطاحت النكسة بما تبقى من فلسطين . وعندما أتممت دراستي الجامعية عام 1970م كانت الأمور قد بلغت بشعبنا ما بلغته من السوء والتمزق والتشرد , وفي خلال هذه الأحداث كانت القراءة والاستماع إلى الأخبار والاطلاع على الأحداث عن طريق الجرائد وسيلتي الوحيدة للتأكد من أنني ما زلت إنسانا له حقوق الإنسان الحقيقي , وإلى ذلك يعزى في العادة توجهي إلى الكتابة بدلا من أي شيء آخر . قد يكون لدراستي الجامعية أثر واضح في هذا التوجه , وربما هي التي صاغت نوع ثقافتي . ففي الجامعة تعرفت على عدد من الأشخاص الذين لعبوا دورا في الحياة الأدبية والشعرية , مثل د. وليد سيف والآنسة هند أبو الشعر و زليخة أبو ريشة, وتعرفت أيضا على عدد من الشعراء والكتاب مثل خليل السواحري وموسى صرداوي وناجي علوش وحنا مقبل وسمير الشوملي ورشاد أبو شاور وسهيل الخالدي وفوزي الدين البسومي وفخري قعوار وجمال أبو حمدان وسالم النحاس وإبراهيم العبسي ومحمود سيف الدين الإيراني وفهد الريماوي , وآخرين كثيرين وجدت لديهم كل تشجيع على السير في الطريق ,

وأضاف :  قد يكون من العوامل المؤثرة في حياتي عامل آخر ولكنه جاء متأخرا وهو الإقامة في المغرب مدة تقرب من خمس سنوات , ويستطيع القارئ أن يجد صدى هذه الرحلة في مجموعتي القصصية " من يذكر البحر " ومجموعتي الشعرية " تداعيات بن زريق البغدادي الأخيرة " .

وسألته :

-      منذ بداياتك الأولى في كتاب " الشعر المعاصر في الأردن وحتى الآن وأنت تواكب الحركة الأدبية في الأردن وفلسطين فهل ترى فيما ظهر من نتائج بعد نكسة حزيران  1967 م وحتى الآن ما يستحق أن يشار إليه على صعيد الشعر ؟

   بالطبع ظهر ما يستحق أن يشار عليه على صعيد الشعر ؟ وإلا فما الذي تعنيه مئات الدواوين التي صدرت في هذه المدة . بل ما الذي تعنيه عشرات الأصوات الشعرية البارزة من أمثال محمود درويش وسميح القاسم ومحمد عز الدين المناصرة وفدوى طوقان ووليد سيف ومريد البرغوثي وخالد أبو خالد واحمد مطر وإبراهيم نصر ويوسف عبد العزيز وغيرهم ممن لا يستطيع المرء أن يذكر أعدادهم وأسماءهم في حديث كهذا , بيد أن سؤالك ربما كان يرمي إلى نوعية القصيدة , وهل ظهرت القصيدة التي تحمل هموم هذا الشعب وتعبر عن ضخامة الأحداث . وهنا أقول إن مثل هذه القصيدة قد ظهرت فالكثير من أعمال محمود  درويش لاسيما في طوره الذي سبق أحداث عام 1982 م تجاوزت البنى المألوفة للقصيدة العربية واستطاعت أن تكون قصيدة المقاومة الحقيقية وهناك أيضا قصائد قليلة وجيدة لسميح القاسم ورؤى شعرية ملحمية لوليد سيف سجلت هي الأخرى خروجا على القصيدة المألوفة مثل " وشم على ذراع خضرة , وتغريبة زيد الياسين " وقصائد أخرى عديدة , حتى بعض الأصوات الشعرة القديمة مثل فدوى طوقان , أو عبد الرحيم عمر , استطاعت أن تقدم قصائد جديدة شكلا وفحوى وان تكون في مستوى الحدث وأشير هنا إلى قصائد فدوى " على قمة الدنيا وحيدا " وقصائد عبد الرحيم عمر " أغاني الرحيل السابع " .

  وفيما يتعلق بالأصوات الجديدة فإن إبراهيم  نصر الله قد أضاف لونا جديدا من الشعر باستحداث القصيدة الاحتجاجية التي تعبر عن الموقف الحقيقي للإنسان

 الفلسطيني بعد بيروت 1982 م . والمتسم بإدانة الواقع العربي والصمت العربي والمؤامرة بكل اطرافها , وانوه بقصائده الجيدة مثل " حوارية الغريب " " و أغنية للحياة " و " ونعمان يسترد لونه " كما أنوه بمجموعة شعرية صدرت له بعنوان " أناشيد الصباح " حطم فيها النسب التقليدية للقصيدة العربية , واخص بالذكر تلك القصائد التي تشير إلى الطغاة في عالمنا العربي وكذلك انوه بقصيدته " الحوار الأخير فقد جمع فيها بين الوثيقة والرؤية الشعرية في بناء فني جيد وممتع , وهذا يندرج على مجموعته الأخيرة " الفتى النهر والجنرال " .

-       ثمة أعمال روائية قليلة ظهرت في الأردن ما هو رأيك بمستواها ؟ وأين تضعها من مستوى الرواية العربية المعاصرة ؟

   لقد أثبتت الأحداث والدراسات ان الوضع الحالي في الأردن بصفته أكثر البلاد العربية احتكاكا بالقضية  الفلسطينية ونظر لطبيعته السكانية الكبرى من الفلسطينيين توجد في الأردن , 

هذه المسائل جميعا صاغت اهتمامات القارئ وركزتها في مجالات السياسة ومتابعة الاحداث ونظرا لذلك فإن التوجه العام لدى الأدباء هو نظم الشعر سواء ما كان منه على وحدة البحر أو وحدة التفعيلة , واستجابة الأفراد في الندوات والأمسيات هي استجابة فورية تجاه الشعر ومتعثرة تجاه القصة والرواية , أقول ذلك لأفسر أمرين أولهما : كثرة الدواوين الشعرية الصادرة في هذه الفترة وقلة الروايات , والأمر الثاني هو إخفاق الكتاب الروائيين في جذب القارئ الى هذا النوع الأدبي ليكون لدينا بالتالي أدب روائي والمحاولات الروائية في الأردن بدأت من وقت مبكر ولم تلفت الأنظار إليها أبدا إلا في السنوات الخمس الأخيرة . وقد يعزي ذلك إلى تنامي الاهتمام الإعلامي والصحافي بالإنتاج الأدبي بعامة والقصصي على الخصوص وإلى نشاطات رابطة الكتاب الأردنيين وانتخاباتها السنوية التي نشأت عنها موجة من الأضواء لابد من تسليطها على الأعمال الجديدة للكتاب المنتخبين , أو المشاركين في النشاط العام للرابطة وبرزت أسماء عديدة في مجال الرواية .

-      هل تذكر لنا بعض هؤلاء الكتاب ؟ وما مستوى رواياتهم ؟

   من هؤلاء الكتاب بالطبع سالم النحاس الذي صدرت له روايتان هما : أوراق عاقر وتلك الأعوام , وأحمد عودة الذي صدرت له رواية " ساعات الصفر " وجمال ناجي وقد صدرت له روايتان كانت الأخيرة منهما عن قضية فلسطين " وقت " ومؤنس الرزاز وقد صدرت له رواية واحدة " أحياء في البحر الميت " وأظن أن بعض الذي أثير حولها من الضجيج الإعلامي لا علاقة له بمستواها الفني . وقاسم توفيق وقد صدرت له رواية قصيرة " ماري روز " ومؤيد العتيلي وفايز محمود ويوسف الغزو وهؤلاء الذين ذكرتهم أخيرا يفتقرون إلى المعرفة الحقيقة بتقنيات العمل الروائي .

 -المتابع لكتاباتك النقدية يلاحظ إنك بدأت واقعيا ثم جنحت في فترة ما إلى البنيوية وها أنت تعود إلى  المدرسة الواقعية من جديد ، فهل لك أن توضح لنا أسباب ذلك ؟

   ليس صحيحا أن توجهي الأدبي في النقد هو توجه واقعي مئة بالمائة .فمنذ البداية كان لابد من الأخذ بمفاهيم المنهج الاجتماعي في النقد وهو المنهج الذي يرى الأدب فعالية اجتماعية هدفها التعبير عن قضايا الفئات الاجتماعية , وسعيا نحو التكيف وتحقيق الأفضل لحياتهم وعلاقاتها وآمالها وأحلامها , والواقعية تمثل مذهبا في الأدب الاجتماعي . فالمنهج الاجتماعي منهج عام والواقعية تندرج ضمن هذا الإطار العام . الواقعية مذهب أدبي وليست مذهبا نقديا , وهذا شيء يجب أن نتفق عليه , وهو ينفي وجود نقد واقعي مائة بالمائة . أما عن علاقتي بالبنيوية أو جنوحي نحوها في فترة ما فأحب أن أشير إلى ما يلي : وهو أن البنيوية عدة مدارس , منها المدرسة الشكلية والتي تتمثل في أعمال رولان يارط " وهو فرنسي " ومدرسة الشكليين الروس وبعض الاميركيين المعاصرين المتأثرين بهم , من أمثال رومان جاكبسون وفي المقابل ثمة بنيوية سوسيولوجية , وهي التي تعرف بالبنيوية التكنوينية وتتمثل في أعمال المفكر الإجتماعي لوسيان غولدمان وهي خليط من النقد الإجتماعي  والبنيوية الانثروبولوجية وعلم النفس الإجتماعي , وفي بعض دراساتي افدت من هذا التيار الذي لا يتناقض ابدا مع الذهب الواقعي في الأدب بل اعتقد أنه يدعمه ويشد من أزره , فهو يقوم على إدراج البنية الثقافية مع الإبداعية الأدبية في سياق سوسيوثقافي _ ولا يكتفي بدراسة الأدب دراسة لغوية جمالية كما هو الحال عند رولان  يارط او جاكسبون أو مدرسة الشكليين الروس .. وحتى الآن ما ازال استفيد من هذا المنهج , ولقد كتبت دراستي حول الرواية العربية في المغرب الأقصى في ضوئه وهو منهج يمكن القول عنه : إنه بنيوية مضادة .

-      كتبت الشعر والقصة القصيرة وصدر لك ديوان ومجموعة قصص فأيهما تفضل للتعبير عن معاناتك وهل لكتاباتك النقدية آثار محبطة في إنتاجك الإبداعي ؟

   من الخطأ أن نتصور المرء قادرا على تخير الشكل الأدبي الذي يعبر بواسطته عن معاناته , وأغلب الظن أن الشكل الأدبي يفرض نفسه على التجربة فرضا , ولم أكن ادعي في يوم ما إنني شاعر أو قاص ولكنني كتبت الشعر والقصة بطريقة عفوية , كنت أول من دهش بهذه التجربة ؛ فعندما كنت في المغرب كان الإحساس بالغربة والحنين , وكانت الأشواق هي زادي اليومي , ومثل هذه الإحساسات تضخمت وعبرت عن نفسها بهذه الأشكال القصصية والقصائد الشعرية ولم يكن الأمر خاضعا لرغبتي في أن أكتب هذا أو ذلك ولم يكن هناك وقت لتخير أحد النوعين دون الآخر , والذي يقرأ مجموعتي القصصية " من يذكر البحر " أو ديواني الشعري " تداعيات بن زريق البغدادي الأخيرة " يلمس ذلك . وقولك أن النقد يمكن أن يحبط التجربة الإبداعية فهذا قول صحيح لأن المرء يحاسب نفسه ويقسو في الحكم على ما يكتب لذا غالبا ما ينظر إلى إبداعه الشعري والقصصي نظرة فيها شيء كبير من التردد .

-      بوصفك من ابرز النقاد المثابرين في الساحة الأدبية الأردنية , من هم النقاد الآخرون الذين يحظون بتقديرك ؟ وهل فيما ينشر من مقالات هنا وهناك ما يجوز أن يدرج في عداد الكتابات النقدية ؟

   الأزمة في النقد جزء من أزمة الثقافة في الأردن وجزء من أزمة الإعلام الثقافي ففي غياب المجلات الأدبية الشهرية والصحافة الأدبية الرصينة يصعب أن يتطور النقد , وأنت تعلم أنه عندما كانت تصدر مجلة الأفق الجديد في الستينات كيف كان المجال مفتوحا أمام الجميع لإثراء التراث النقدي بالعديد من الدراسات والأبحاث , وعندما انتظم صدور مجلة " أفكار " كان الأمر يبشر  بهذا التطور في الكتابة النقدية , غير أن الأمر على غير ما كان عليه في الماضي . فقد تم تغييب مجلة أفكار وتوقفت  منذ سنوات عديدة الأفق الجديد وتحولت الملاحق الثقافية في بعض الجرائد اليومية إلى مجلات حائط لا تختلف عن مجلات الحائط المدرسية فكيف يمكن أن يتطور النقد ؟  وكيف يسمح الحال بظهور كتابات نقدية جديدة وجادة ؟ ما ينشر من مقالات بين حين وآخر يعبر عن هذه الأزمة فهي أزمة قيم وأزمة أخلاق وأزمة ثقافة وأزمة إعلامية وأزمة التعبير عن الرأي والرأي الآخر المضاد ثمة أشخاص يكتبون وبعضهم من أساتذة الجامعة ، وهي كتابات تجد فيها أحيانا ما تقدره وأحيانا أخرى تجد فيها مالا يستحق القراءة . وعلى العموم فإن الركود الثقافي والأدبي الآن لا يمكن أن يستمر .

  -والنقد العربي ؟

   في النقد العربي يوجد تطور ملحوظ والذي يتصفح المجلات الأدبية الشهرية يلاحظ هذا ، كما أن المطابع ودور النشر لا تبخل علينا بالمؤلفات النقدية الجيدة . وأميل إلى الإعجاب بالنقد التحليلي القائم عل دراسة النماذج الإبداعية دراسة داخلية دون اللجوء إلى المعلومات الخارجية الكثيرة ودون الإسراف في الإتكاء على الاعتبارات غير الأدبية التاريخية أو الدينية أو السياسية . وفي هذا الصدد لابد من القول : إن النقد لدى جيل النقاد السابق كان يعتمد  على الإحاطة بالظروف المحيطة بالكاتب أو الفنان والقضايا التي كانت مصدر إلهامه الأدبي والفني ثم يأتي النص الأدبي فيما يلي ذلك , وقد أصبح النقد لدى الجيل الحالي يعتمد بصفة أساسية على النص أو العمل الفني دون إهمال بقية العناصر الأخرى .. وأشير هنا إلى كتابات د. عصفور ونبيل سليمان وحسين مروة وجمال الدين بن الشيخ وعبد القادر الشاوي وآخرين لا يسمح هذا اللقاء بتعداد نتائجهم .

-      ماذا عن النقد في الأرض المحتلة ؟

  لست خبيرا تماما بأوضاع الحركة الأدبية في فلسطين المحتلة ولكن إذا كان الشعر والقصة والرواية في الأرض المحتلة تعاني من الضعف والركاكة , فمن باب أولى أن يعاني منه النقد . فكما قلت يحتاج النقد إلى أجواء أكاديمية وإعلامية خاصة وإلى حرية في القول والتعبير ولا أظن في الأرض المحتلة شيئا من هذا . 

 
Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz