مرحبا بكم في موقع المشرف التربوي محمود طافش الشقيرات .
 
New Page 3
 Free counters!
 
ما رأيك بالمظهر الجديد للموقع ؟
1. ممتاز
2. مقبول
3. جيد
4. جيد جدا
مجموع الردود: 22
    

الظلم...وأشكاله المهلكة

محمود طافش الشقيرات

     يُستشف من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النوبية الشريفة  بأن الظلم أنماط متعددة ومتفاوتة ، منها المهلك المردي الذي يورد صاحبه موارد الردى ، ومنها ما يمكن التجاوز عنه والتخلص منه بالاعتذار أو بالاستغفار ، أو بعمل من أعمال الخير الكفيلة بمسحه وتحرير المخطئ من ربقه ، ومنها ما هو بين هذا وذاك . ويرى العلماء والباحثون الذين أوردت أسماءهم في قائمة مراجعي المختارة بأن هذه الممارسات المفسدة للنفس والمخرّبة للمجتمع تندرج تحت ثلاثة أقسام هي :

1 - ظلم بين الإنسان وربه ومن أخطر أنواعه : الشرك بالله ، والكفر بأنعم الله  والنفاق وغيرها .

2 - ظلم بين الإنسان وبين عباد الله كأن يعتدي عليهم باليد كالقتل أو الضرب أو  السرقة وما شابه ذلك .أو باللسان كالشتم والغيبة والنميمة أو الكذب . أو بالمماطلة كتأخير سداد دين مع المقدرة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مطل الغني ظلم .) (1) 

3 -  ظلم الإنسان لنفسه ، ويكون بالاعتداء على حدود الله ، مثل :  الانتحار والردّة ، وتعاطي المسكرات والمخدرات والتدخين والاستماع إلى الأغاني الهابطة التي تثير الشهوة وتشجّع على الفاحشة ، وتفسد الأخلاق ، وهي من السبل المؤدية إلى الزنا .

     وفي إشارة واضحة إلى هذه الأنماط من الممارسات الظالمة قال النبي – صلى الله عليه وسلم : ( الظلم ثلاثة ، فظلم لا يغفره الله ، وظلم يغفره الله ، وظلم لا يتركه الله : فأما الظلم الذي لا يغفره الله فالشرك ، قال تعالى : } إن الشرك لظلم عظيم  { (2) وأما الظلم الذي يغفره الله فظلم العباد لأنفسهم فيما بينهم وبين ربهم ، وأما الظلم الذي لا يتركه الله ، فظلم العباد بعضهم بعضا ، حتى يدين لبعضهم من بعض )(3) 

    وقد حدّد لنا ربنا العظيم – سبحانه وتعالى -  وهادينا الحكيم – جلّ شأنه - في كتابه العزيز أبرز ممارسات الظالمين ، فوصفهم وهو الحكيم العليم بأنهم :

- يحكمون بغير ما أنزل الله ، والدليل على ذلك ملموس في قوله سبحانه وتعالى :  }ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الظالمون {(1)  

 – يعتدون على أحكام الشرع ويتجاوزون حدود الله في العلاقات الزوجية ، والدليل في قوله سبحانه وتعالى : } ومن يتعدَّ حدود الله فأولئك هم الظالمون {ا (2)

3 - والمفترون على الله بالكذب : والدليل في قوله سبحانه وتعالى :}فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذّب بآياته ..{( 3)

4 -  يمنعون العبادة في المساجد . والدليل في قوله سبحانه وتعالى : }ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه { (4)

5 -  يكتمون ما يعلمون من أحكام الشريعة . والدليل في قوله سبحانه وتعالى : }ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله { (5)

6 – يكذبون على الله بادعاء أنّ له ولد . والدليل في قوله سبحانه وتعالى : }ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذّب بآياته  { (6)

7 - يكذبون على الله بادعاء النبوة . والدليل في قوله سبحانه وتعالى : } ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أُوحي إليّ { (7)

8 -  يحرمون ما أحلّ الله . والدليل في قوله سبحانه وتعالى : } فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم {  (1)

9 – يمنعون الناس من دراسة آيات الله والتفكر بها . والدليل في قوله سبحانه وتعالى :  } فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها {(2)

10 – يفترون على الله الكذب . والدليل في قوله سبحانه وتعالى : }ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا { (3)

     ومن الناس الذين وصفهم الله بالظلم المسلمين الذين لا يراعون حقوق دينهم ، ويستخفون ببعض أحكامه وتعاليمه . روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : كان قوم من أهل مكة أسلموا ، وكانوا يستخفون بالإسلام ، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر ، فأُصيب بعضهم بنبل . قال المسلمون كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأُكرهوا فاستغفروا لهم .فأنزل الله سبحانه وتعالى : } إنّ الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم .قالوا : فيمَ كنتم ؟ قالوا كنا مستضعفين في الأرض . قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا . { (4)

    وفي أحاديثه الشريفة أشار سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى أخطر أنواع الظلم فقال : ( اجتنبوا السبع الموبقات .)  قلنا يا رسول الله وما هن ؟ قال : ( الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا،  وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات .)(1)  

    وفيما يلي شيء من تفصيل القول في أبرز أنماط الظلم التي تهدد المجتمعات والحياة :

 أولا : الظلم في العقيدة :

1- الشرك بالله .

     الشرك هو:   أن يجعل الإنسان للرحمن ندّا ، وهؤلاء الهالكون أشار إليهم الله سبحانه وتعالى بقوله } ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا   {(2)  والمفترون الكذب عقابهم يوم القارعة شديد ، وقد أنذرهم الله  سبحانه وتعالى بقوله : }إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء { (1) وهذا المشرك الظالم لنفسه ولربه هو الذي حرّم الله عليه الجنة بقوله : } إنه من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار{ (2) وقال صلوات الله وسلامه عليه :( إن الله يقول : يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ، يا عبدي إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة ما لم تشرك بي لقيتك بقرابها مغفرة )(3)  وقال تعالى : } قل تعالوا أتلُ ما حرّم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا{ (4) 

    وعن ابن مسعود - رضي الله عنه- أنه قال : قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم ؟ قال : ( أن تجعل لله ندا وقد خلقك ..) قلت : ثم أيّ ؟ قال : ( أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك .) قلت : ثم أي ؟ قال : ( أن تزاني حليلة جارك .) (5)

   وعن أبي بكرة عن أبيه قال : كنا عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : ( ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ) ثلاثا ، قلنا : بلى يا رسول الله . قال : ( الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ) وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم – متكئا فجلس ،فقال : ( ألا وقول الزور ، ألا وشهادة الزور .)  فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت . (1)    وقد وصف الله – سبحانه وتعالى – الشرك بأنه ظلم عظيم . فقال –جلّ شأنه – مخبرا عن لقمان وهو يعظ ولده بقوله: (} يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم . { (2)

    والشرك بالله يترك الإنسان قلقا خائفا مضطربا ، ولن تستقيم حياته  ، ولن ينعم بالسعادة الخالصة ، إلا إذا كان قلبه معلقا بالله وحده ، فإذا ما زاغت عينه عن صراط الله تبتغي النفع من غير الله ، بدأت مشاكله التي قد تنتهي به إلى الهلاك .

   ومن أبرز المشركين الذين وردت الإشارة إليهم في سجل التجارب الإنسانية أولئك النصارى الذين زعموا أن الله – جل وتعالى – هو ثالث ثلاثة معتبرين أن المسيح وأمه عليهما السلام إلهين . والصابئة الذين عبدوا الكواكب ، ومن المشركين من عبد الشمس ، وآخرون عبدوا النار ومن الهالكين من عبد الفرج .

     ومن الشرك الحلف بغير الله . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :( من حلف بغير الله فقد أشرك )(3)   والرياء يفسـد الأعمـالالصالحة ، وهو نمط من أنماط الشرك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) فقيل : وما هو يا رسول الله ؟ قال عليه الصلاة والسلام : (الرياء يقول الله تعالى يوم يجازي العباد بأعمالهم :" اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤنهم بأعمالكم فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ) (1) وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : ( اليسير من الرياء شرك ) (2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل استشهد في سبيل الله فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت بها ؟ قال : قاتلت فيك حتى اُستشهدت . قال : كذبت .ولكنك فعلت ليقال هو جريء وقد قيل . ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار . ورجل وسّع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها .قال فما عملت فيها ؟قال ما تركت من سبيل تحب أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك . قال كذبت ولكن فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأُتي به فعرفه نعمه فعرفها . قال فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن . قال : كذبت ولكنك تعلمــت ليقال هو عالم ، وقرأت ليقال هو قارئ  ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار .) (1)

    ومن الشرك الاستعانة بالكهان والمشعوذين لتحقيق مآرب خاصة ، وهذه الأفعال تُعدّ من الشرك الأصغر ، وقد حذّرنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – من مغبة الإقدام على الاستعانة بأمثال هؤلاء الأشرار  فقال : ( من أتى عرافا فسأله عن شئ لم تُقبل صلاته أربعين يوما ) (2).وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام : (من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) (3)

     ومما يدخل في الشرك ؛ الرقى والتمائم ، وهي نوع من الخرز يعلقها بعض الجهلة في أعناقهم لترد عنهم شرور الحاسدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الرقى والتمائم والتولة شرك )(4) 

    ويبشر سيدي رسول الله المسلمين بأن كل مسلم مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ) (5)  وقـال صلـوات الله وسـلامه عليـه :( من مات لا يشـرك بالله شـيئا دخـل الجنـة ) (1)

2 – الكفر.

     ومن الكبائر أيضا : الكفر المتمثل بعصيان أوامر الله وإنكار فضله ، وعدم التصديق بملائكته ، وبما جاء به رسله ، وبما أنزل على عبده . ومنه عدم الإقرار بيوم القيامة . قال تعالى }والكافرون هم الظالمون { (2)  وقد أشار القرآن الكريم إلى فئات من عتاة الكافرين أذكر منهم :

أ – المنكرون لوجود الله ، وهم الملـحدون الذين لا يعترفـون بإلـه ، وهؤلاء حالهم أكثر سوءا من المشركين .

ب – المنكرون لوحدانية الله ،وهم مشركون ، وقد وردت الإشارة إلى هؤلاء – نعوذ بالله من كفرهم – في قول الله سبحانه تعالى : }  ومن يدعُ مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون { (3)

ج – ومنه المفرقون بين الله ورسله . وهؤلاء البائسون وردت الإشارة إليهم في قوله تعالى : }  إنّ الذين يكفرون بالله ورسله ، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ، ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، ويريدون أن يتخـذوا بيـن ذلـك سـبيلا ، أولئك هم الكافـرون حقـا { (1)

د – ومنهم المنكرون لما جاء به سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وهؤلاء هم الذين أشار الله – سبحانه وتعالى – إليهم بقوله : } ( فلما جاءهم ما عرفوا ، كفروا به ، فلعنة الله على الكافرين . { (2)

   ويجمع الفقهاء على أنّ الكفر الأكبر يخرج الإنسان من ملة الإسلام ، ويُلحق بالظالم الخسران المبين ، إذا ارتكب واحدة من الحماقات التي يزينها له الشيطان ، وتغضب الله جلّ وعلا ، ومن أخطرها :

أ – التكذيب بما جاء في كتاب الله من آيات بينات محكمات ، وهذا الظلم ليس له حدود ، ويخلد صاحبه في نار جهنم . يقول الله – سبحانه وتعالى - : }  ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذّب بالحق لما جاءه ، أليس في جهنّم مثوى للكافرين ؟ { (3)

ب – التكذيب بيوم القيامة أو بغيره من الغيبات كالجنة والنار وإنكارها أو عدم التصديق بها . قال الله – سبحانه وتعالى – مشيرا إلى افتراءات بعضهم بالقول : }  وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا . قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من ترابٍ ثمَّ من نطفةٍ ثمَّ سوّاك رجلا . { (4)

ج – النفاق بإظهار الإسلام باللسان ، وباعتقاد الكفر بالقلب والجنان .قال تعالى   } ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطُبع على قلوبهم فهم لا يفقهون { (1)

د – إنكار ركن من أركان الإسلام أو الإيمان ، كالذي يترك الصلاة غير معتقد بوجوبها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ) (2)

هـ عدم الحكم بما أنزل الله . لقوله تعالى : } ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الكافرون { (3)

و – تصديق العرّافين والكهنة . لقول رسولنا العظيم – صلى الله عليه وسلم :( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدّقه فقد كفر بما أُنزل على محمد )(4) 

ز – الحلف بغير الله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك .)(5)  وقال صلوات الله وسلامه عليه : ( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا ، أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا )(6)

    والكافرون عقابهم عند الله شديد وهو واضح في قول الله – عزّ وجل : } إنّ الله لعن الكافرين وأعدّ لهم سعيرا . { (1) وقوله جلّ شأنه : } فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين  { (2) وقول المنتقم الجبار }ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد . { (3) ولعل في تعدد أدوات التوكيد وفي توظيف الفعل الماضي ما ينم عن نوعية العذاب الذي ينتظر هؤلاء الظالمين البائسين .

ثانيا : الظلم في العبادات :

1- ترك الصلاة :

   ترك الصلاة مع الإنكار لها كفر يوجب العذاب بالنار لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة )(4)  وقال – صلوات الله وسلامه عليه : ( من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله )(5) وقال صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) (6)

وترك الصلاة من أبرز الأسباب الموجبة لعذاب الله في النار . قال الله - سبحانه وتعالى - : } ما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين { (1) وقال نبينا صلى الله عليه وسلم مبرزا أهمية الصلاة : ( من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة يوم القيامة ، وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأُبي من خلف )(2)

2 - منع الزكاة :

   في الزكاة تطهير وتزكية لنفس المزكي ولماله . قال تعالى : } ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها { (3) وقال – سبحانه وتعالى – محذرا من عدم دفع الزكاة : } ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شرّ لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة . { (4) وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مفصلا القول في أسباب هذا التحذير : ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفحت له من صفائح من نار ، فأُحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبيه وظهره . كلما بردت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد فيُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ..) (5)

3 - إفطار يوم في رمضان بلا عذر:

    الصوم ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة ، وفيه خير عظيم للصائم في دينه وفي دنياه ، فيه يكفر الله الذنوب .  وإفطار يوم واحد في رمضان دون عذر يعدّ من الكبائر ، وقد حذر نبينا – صلى الله عليه وسلم – من ذلك بقوله : ( من أفطر يوما من رمضان بلا عذر لم يقضه صيام الدهر وإن صامه .) (1)

- ترك الحج للمستطيع .

فرض الله الحج على كل مسلم بالغ قادر قال تعالى : }ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا { (2) والتقاعس عن أداء الحج مع القدرة يعدّ من الكبائر ، لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – محذرا من ذلك )من ملك زاداً وراحلةً تبلغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا ) (3)

ثالثا : الظلم  في المعاملات:

1 – السحر.

" السحر علم مكتسب خفي خارق للمألوف ، يؤثر غالبا في النفوس الضعيفة من الناس ، ويكون في طعام أو شراب أو إرسال في هواء ، وهو عبارة عن عقد وعزائم ورقيً شركية صادرة من ساحر معتد بقوة نفسه وشيطانه " (1)     وأخطر أنواعه ما يكون عبر الاستعانة بالجن الكافر ، وتسخيره لإلحاق الأذى بالناس .

وهو علم شيطاني ، يفرق به الساحر بين المرء وزوجه وبين الأخ وأخيه ،  لكن الضرر بالمسحور لا يقع إلا بإذن الله سبحانه وتعالى لقوله جل شانه : } واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ، وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ، يعلمون الناس السحر وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ، وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتة فلا تكفر ، فيتعلمون منهما ما يفرقان به بين المرء وزوجه ، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعقلون . { (2)  

وقد عدّ الإسلام السحر من الكبائر الموبقات لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اجتنبوا السبع الموبقات )  قيل : يا رسول الله ! وما هن ؟ قال : ( الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات .) (3)

قال الإمام الشافعي – رحمه الله - : " ومن السحر ما يخبل ويمرض ، وقد يقتل ، حتى انه أوجب القصاص على من قتل به ، فهو من عمل الشيطان يتلقاه الساحر منه بتعليمه إياه " (1) وعقوبة الساحر في الآخرة الحرمان من الجنة ؛ عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يدخلون الجنة ، مدمن خمر ، وقاطع رحم ، ومصدق بالسحر ) (2) . وأما عقوبته في الدنيا فهي القتل ، وينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله  : (حد الساحر ضربه بالسيف ) (3). وقد شنّ الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حربا على السحر وعلى السحرة ، فأرسل إلى عماله في الأمصار " أن اقتلوا كل ساحر "(4). وقد بدأ تطبيق هذه العقوبة بنفسه ، فدفن ساحرا إلى صدره ، وتركه حتى مات .

وقد جعل الإسلام عقوبة الساحر هي القتل بسبب بشاعة الجرائم التي يرتكبها ولفداحة الأضرار التي يلحقها بعباد الله .

2 - القتل العمد .

القتل هو : ( أن يقصد المكلّف قتل إنسان معصوم الدم – لا يستحق القتل شرعا – بما يغلب على الظن أنه يُقتل به .) (1) ويعتبر القتل جريمة عظيمة ، وقد عدّه النبي – صلى الله عليه وسلم – من السبع الموبقات ، لما يترتب عليه من آثار تسلب المجتمعات نعمة الأمن التي لا يهنأ الإنسان في حياته بدونها ، وتشيع الفساد في البلاد ، فلا يأمن الناس على أنفسهم ولا على أموالهم  . لذلك فقد أكّد الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز على أنّه } من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا { (2) ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أنّ لدم المؤمن عند الله حرمة خاصة ومكانة عظيمة . قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مشيرا إلى هذه الحقيقة: ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مؤمن .) (3)  وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام : ( لا يحل دم امرئٍ يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنـفس ، والثيّـب الزانـي ، والتـارك لدينـه المفـارق للجماعة .) (4)

    وعقاب القاتل عمدا عند الله شديد ، وهو الخلود في نار جهنم ، لقول الله سبحانه وتعالى : } ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابا عظيما { (1) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لقتل مؤمن لأعظم عند الله من زوال الدنيا ) (2) وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما . ) (3) وأما عقاب القاتل في الدنيا فهو القتل إذا توفرت شروط إيقاع القصاص عليه ، إلاّ إذا تنازل ولي المقتول عن حقه ؛ لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( العمد قود إلا أن يعفو ولي المقتول ) (4)  غير أن القصاص لا يطبق إلا إذا ثبتت الجريمة بما لا يدع مجالا للشك ؛ وذلك باعتراف القاتل أو بشهادة رجلين عدلين .

   روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قُتل رجل في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرُفع ذلك إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فدفعه إلى ولي المقتول ؛ فقال القاتل : يا رسول الله ، والله ما أردت قتله . فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( أما إنه إن كان صادقا ثم قتلته دخلت النار .)(5) فخلاّه الرجل .

    والقتل العمد ظلم كبير ، وفيه إفساد وتخريب للمجتمع ، لذلك كانت هذه العقوبة القاسية ردعا للمفسدين ، وإنقاذا للناس وحماية لهم من جبروت الظالمين .قال الله – سبحانه وتعالى - : } ولكم في القصاص حياة يا أُولي الألباب { (1) غير أن القتل دفاعا عن النفس أو المال أو العرض مشروع ومباح . ومن أطرف ما قيل في هذا الشأن ما رواه سعيد بن منصور في سنته عن عمر بن الخطاب – رصي الله عنه " أنه كان يوما يتغدى ، إذ جاءه رجل يعدو ، وفي يده سيف ملطّخ بالدم ، ووراءه قوم يعدون خلفه ، فجاء حتى جلس مع عمر ، فجاء الاخرون .

فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن هذا قتل صاحبنا .

فقال له عمر : ما يقولون ؟

قال : يا أمير المؤمنين ، إني ضربت فخذي امرأتي فإن كان بينهما أحد فقد قتلته .

فقال عمر : ما يقول ؟

قالوا : يا أمير المؤمنين .إنه ضرب بالسيف فوقع في وسط الرجل وفخذيّ المرأة فأخذ عمر سيفه فهزّه ثم دفعه إليه وقال : إن عادوا عد .

    وفي هذا المعنى : جاء رجل إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن جاء رجل يريد أن يأخذ مالي ؟

قال : فلا تعطه مالك .

قال : أرأيت إن قاتلني ؟

قال : قاتله .

قال : أرأيت إن قتلني ؟

قال : فأنت شهيد .

قال : أرأيت إن قتلته ؟

قال : هو في النار .) (1)

                                              


Untitled 4

دخول المدراء تم إنشاء التصميم في نظام uCoz